الفصل الثالث
مقومات التربية
تقوم التربية في القرآن والسنة على مقومات تجعلها تمتد عميقا في جذور النفس البشرية ، وتسمو بها إلى أعلى المراتب ؛ فتصفيها من كل ما يعلق بها من الأدران ، وتزيل عنها كل ما يتراكم عليها من الران ، وتجعلها تسير بخطوات هادئة مستقيمة على أرض الواقع البشري ، وتحلق في جو الكمال الإنساني.
وهذه المقومات هي : العقيدة التي يفيض بها القلب ، فتجعل النفس نقية مطمئنة ، والعبادة التي يقوم بها المرء ، فتزيده صفاء وإشراقا ، والأخلاق التي يتحلى بها فترفعه إلى عليين.
أولا العقيدة
تطلق العقيدة على الفكرة التي اقتنع بها المرء قناعة تامة ، فقبلها عقله واستقرت في قلبه ، واطمأنت بها نفسه ، وامتزجت بروحه.
وهي تشمل في هذا الدين أركان الإيمان الستة التي ذكرها الرسول صلىاللهعليهوسلم بقوله :
«الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره» (١) وبينها الله سبحانه وتعالى في قوله :
(آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ). (٢)
وحذر من الكفر بها في قوله :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً). (٣)
أما الإيمان بالقضاء والقدر فقد ورد في آيات أخرى ، نبينها بعد تناول ما سبقه من الأركان بالأدلة والتفصيل ، ونذكر الآثار التربوية لكل منها إن شاء الله تعالى ، وبه التوفيق.