٥ ـ الإيمان باليوم الآخر
يعتبر الإيمان باليوم الآخر أهم أركان الإيمان بعد الإيمان بالله تعالى ، لأن المؤمن لا يفعل ما أمر به ولا يترك ما نهي عنه ، ولا يندفع إلى عبادة الله ، ولا يقوم بواجبه ، ما لم يأت عليه يوم يحاسب فيه ويجازى على فعله. ولا بد من مجيء هذا اليوم ليتحقق العدل بين الناس ، ويصل كل واحد إلى حقه ؛ لأننا إذا تأملنا حياة الناس وجدنا فيهم الصالح التقي الذي يظلم ويعتدى عليه ، ويحرم من حقه في هذه الدنيا ، ووجدنا الفاجر الشرير الذي يظلم الناس ويأكل أموالهم ، ويعتدي على الضعفاء ، ولا ينال عقابه ، فلو انتهت الحياة بالموت لكانت اقرارا للظلم ، والله حرم الظلم ؛ فلا بد من عودة إلى الحياة لينصف المظلوم ، ويلقى كل واحد جزاء عمله. قال تعالى :
(مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ). (٢٢٧)
ولا بد من بعث الناس ليعاقب الظالمون ويقتص منهم :
(وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) (٢٢٨)
ولا بد من اليوم الآخر ليتحقق العدل الإلهي :
(وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ). (٢٢٩)
ثم إن الإنسان قد يقضي حياته دون أن يكمل تدريبه وتحصيله من أجل حياة أفضل ، ويتأتيه الموت وفي نفسه آمال كثيرة يريد أن يحققها. وتبقى فيه قوى كامنة لا يصرفها في شيء ؛ وهو لا يستنفذ طاقاته ، ولا يتمكن من استغلال ما أودع فيه من قدرات ، ولا يستفيد مما حصل عليه من علوم على الوجه الأكمل في هذه الحياة. فلو انتهت حياته بالموت لكانت عبثا لا معنى لها. والله ـ سبحانه ـ منزه عن العبث :
(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ. فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ). (٢٣٠)
فلا بد من عودة إلى الحياة ، يحقق فيها الإنسان سعادته ، ويجد فيها عزته