الأشياء بالعليّة له ولا هو بالمعلوليّة لها. وكيف يترتّب على نفس الذات التّامّ في الغاية بذاته ناقص في الغاية بذاته.
فإذن ، لا مجاز من توسيط جوهر ذي وجهين لا يعتريه في فعليّته معنى ما بالقوّة. وذلك وجهه الّذي به يلي جناب المتقدّس إلّا عن الفعليّة الحقّة بنفس الذّات من كلّ ماهيّة كماليّة ، ولا يتخلّص عن ملابسة معنى ما بالقوّة بحسب جوهر الذّات حين ما هو بالفعل من تلقاء الجاعل ، لا من حيث ما هو بالفعل ، وذلك وجهه الّذي به يلي ما يلج ما بالقوّة فيه من حيث ما هو بالفعل ، كما يغشاه ما بالقوّة بحسب جوهر الذّات حين ما هو بالفعل ، أعني الهيولى والحركة والنّفس. وإن هو إلّا «الجوهر العقليّ». وفي النفس والحركة وجه آخر محوج إلى العقل للمعشوقيّة والائتمام به : ثمّ قاعدة الإمكان الأشرف أيضا سابقة إليه ، وهي مستمرّة الاطّراد في كلّ ما اتّفق فوق عالم الطّبيعة.
وبالجملة ، ليس يستصحّ العقل الصّريح إلّا أن يكون الأقرب من الجاعل الحقّ أفضل المجعولات المترتّبة في سلسلة المجعوليّة ، وأن يكون ما يكفيه في أن يبتدعه الجاعل ويفعله جوازه الذّاتيّ أوّل ما يجعل.
فإذن ، إنّ أوّل ما يبدعه الباري الفاطر من زمر مجعولاته ومفطوراته ، فيبوّئه مبوّء الفعليّة ويقرّه مقرّ التّقرّر في عالم الوجود ماهيّة «العقل الأوّل» وإنيّته ، وآخر مبدعاته في سلسلة البداية «الهيولى».
والجوهر العاقل البشريّ ما لم يستعمل زيت الحدس في مصباح قريحته العقليّة ولم يتّقد بوقود الانجذاب إلى عالم القدس لم يكن من حزب الحقيقة ولا من ورثة الحكمة ، ولم يستأهل أن يطمح بصر سرّه إلى العالم الرّبوبيّ ، ولم يتأهّب لأن يتّمض الوميضات الإلهيّة.
إيماض
(١٠ ـ ......)