فحصيّة ، في إلهامات غيبيّة ملكوتيّة ، على أساليب نوريّة لاهوتيّة.
فما أكثر ما نظرت في علوم الأوّلين وسبرت أنظارهم ، وعثرت على فنون الآخرين ، واختبرت أفكارهم ، ففككت وسبكت ونقدت ونخلت ، ثمّ قطعت باب الإعضال بهم وقمعت دار الإشكال فى ما أشكل عليهم. وللسان روعى في ذلك أسوة حسنة بلسان سيّدي ومولاي ، سيّد المسلمين ومولى المؤمنين ، عليه أزكى صلوات المصلّين ، إذ يقول : «ولكن بقوّة ربانيّة ، لا بفطرة إنسانيّة» («بحار الأنوار» ، ج ٥٨ ، ص ٤٧). ومن قوارع تلك القوانين تتميم براهين التقديس والتّوحيد ، وإراءة السّبيل إلى سويّ القول المقشوّ فيه على أمم التنزيه والتمجيد.
فألحّت علي [٥٨ ظ] عصبة من العصابة الرّوحانيّة ، ولمّة من أولي القرابة العقلانيّة، أن افرد ، ممّا ضمّنت لتبيان ذلك صحفي البسيطة الحكميّة ، صحيفة حصيفة تومض بالفحص الناصع ، وتلمع بالتحقيق النافع. فها أنا آت بمأمولهم على طباق مسئولهم ، مستعينا بأيد الله العزيز العليم ، إنّه ذو الفضل العظيم والطّول القديم.
إخاذة
(١ ـ وجوب الوجود بالذّات من براهين التّوحيد)
إنّ هناك تعويصا معضلا وتعضيلا عويصا : هو أنّ من جملة براهين التّوحيد تدور رحاها على تسليم لزوم طباع ذاتيّ مشترك بين قيّومين واجبين بالذّات ، هو حقيقة وجوب التّقرّر والوجود بالذّات ، تعالى القيّوم الواجب بالذّات عن الشريك والشبيه والنّدّ والضّدّ علوّا كبيرا. ومن المسوّغ ، في بادى اللحظ وعلى فرض التعدّد ، شيئان بسيطان مجهولا الكنه ، مفترقان بتمام الماهيّة البسيطة ، كلّ منهما متقرّر بنفسه ، ومبدأ انتزاع وجوب التّقرّر والوجود عن ذاته بذاته ، ومصداق حمل المفهوم المشتقّ من ذلك المعنى المصدريّ على ذاته بذاته ، على أنّ ذلك من العرضيّات ، وليس بين الحقيقتين المختلفتين المعروضتين بالذّات قدر مشترك ذاتيّ أصلا.
وهذا الإعضال معزيّ على ألسن هؤلاء المحدثة إلى رجل من المتفلسفين المحدثين ، يعرف ب «ابن كمونة». لكنّه ليس أوّل من اعتراه هذا التّشكيك. كيف والأقدمون كالعاقبين قد وكدوا الفصية عنه وبذلوا مجهودهم في سبيل ذلك قرونا و