على نفسه. فإذن يجب أن يكون في الوجود وجود بالذّات حتّى يتصوّر وجود ما ، وفي العلم علم بالذّات حتّى يتصوّر علم ما ، وفي القدرة قدرة بالذّات حتّى تتصوّر قدرة ما ، وفي الحياة حياة بالذّات حتّى تتصوّر حياة ما ، وفي الإرادة والاختيار إرادة بالذّات واختيار بالذّات حتّى تتصوّر إرادة واختيار ما ، وكذلك فى السّمع والبصر وفي كلّ ما هو كمال على الإطلاق ، وبهذا ينطق القرآن الكريم : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) (يوسف ، ٧٦).
فإذن يجب أن يكون القيّوم الواجب بالذّات في مرتبة ذاته موجودا بالذّات ، وواجبا بالذّات ، وعالما بالذّات وقادرا بالذّات ، وحيّا بالذّات ، ومريدا مختارا بالذّات ، وسميعا بالذّات ، وبصيرا بالذّات ، حتّى تصحّ هذه الأشياء ، لا بالذّات ، في غيره ، من تلقاء فيضه وجوده. فهو ، جلّ ذكره ، بنفس ذاته يستحقّ هذه الأسماء لا بحيثيّة ما وراء أحديّة ذاته الحقّة أصلا ، لا تقييديّة ولا تعليقيّة ، فهو [٧٠ ب] يجب بما يوجد ويوجد بما يجب ، ويعلم بما يقدر ، ويقدر بما يعلم ، ويريد ويختار بما يقدر ويعلم ، ويقدر ويعلم بما يريد ويختار ، ويسمع بما يبصر ويبصر بما يسمع.
فكلّ حيثيّة كماليّة هي زينة الذّات وحلية الحقيقة ، فإنّها مضمّنة في حيثيّة الوجوب بالذات ، بل هي بعينها نفس قاطبة الحيثيّات الجميلة الكماليّة. فإذن هو ، بنفس ذاته الأحد البسيط الحقّ ؛ وجود كلّه ، وجود كلّه ، علم كلّه ، قدرة كلّه ، حياة كلّه ، إرادة كلّه، اختيار كلّه ، سمع كلّه ، بصر كلّه ، وسنستأنف نمطا من بسيط القول في ذلك من ذى قبل، إن شاء الله تعالى.
تقديس
(٢٨ ـ الحقيقة الحقّة هي الوجود القائم بذاته)
فإذن الحقيقة الحقّة هي الوجود القائم بذاته ، ثمّ الحقائق والوجودات كلّها أظلال الوجود الحقّ ، والوجوب الحقّ هو القائم بذاته ثمّ الوجوبات كلّها أظلال الوجوب ، والعلم الحقّ هو القائم بذاته ، ثمّ العلوم كلّها أظلال العلم ، وكذلك سنّة القدرة ، والحياة ، والإرادة ، والاختيار ، والسّمع والبصر ، والأحديّة والوحدة.
استضاءة