(٣١ ـ ذات الشّيء ومقوّم الشّيء لا يحتمل الزيادة والنقصان)
ألم يستبن لك في تضاعيف الصّناعة : أنّ تكثّر الطبيعة المرسلة بالذّات هو بعينه تكثّر الأشياء الطّبيعيّة بالذّات ، وتكثّر الأشياء الطبيعية بالذّات هو تكثّر الطبيعة المرسلة بالعرض. وإنّما ذلك لأنّ الطبيعة المرسلة داخلة في قوام الشّيء الطبيعيّ ، وهو الفرد ، ومن جوهريّات ذاته بما هو فردها ، والشّيء الطبيعيّ بما هو فرد الطبيعة المرسلة خارج عن قوام جوهرها ومن خواصها وعوارضها الّتي بعد الذّات وفي مرتبة أخيرة ، وإن هذا إلّا لتضمّن الفرد ما هو من عرضيّات الطبيعة في لحاظ التّعيّن والإبهام بتّة. فالكثرة بالعدد للأفراد بالذّات كثرة بالعدد للطبيعة بالعرض.
ثمّ ليس يصحّ أن توصف الطبيعة بالكثرة بالعدد بالعرض إلّا من حيث الكثرة بالعدد الّتي هي للأفراد بالذّات. أليس مفاد الوحدة أو الكثرة بالعدد توحّد الوجود أو تعدّده ، وليست الطبيعة توجد إلّا بعين وجودات الأفراد. فإذن ، تكثّر المراتب الكماليّة والنقصيّة إمّا هو تكثّر سنخ الطبيعة المرسلة [٧٢ ب] بالذّات ، فتكون هناك طبيعتان مختلفتان في سنخيهما ، لا طبيعة واحدة مختلفة بالكماليّة والنّقصيّة ، وإمّا هو تكثّرها بالعرض ، فيكون الكماليّة ، لا محالة ، بشيء يزيد على جوهر الطبيعة ويعرضها بعد الذّات في مرتبة أخيرة ، لا بنفس الطبيعة ، فتكون المرتبة الكماليّة فردا ما من الأفراد متحصّلا من فصل مقوّم أو عرض مصنّف أو مشخّص بتّة. فهذا سبيل تقويم البرهان.
فإذن ، ذات الشّيء لا يحتمل الزيادة والنقصان ، وكذلك ما هو مقوّم الذّات لا يحتملهما ، فإنّه إن كان إذا زاد قوّمها بزيادته ، فالذات المتقوّمة ليست هي إلّا الأزيد فيه ، أو بنقصانه فلست هي إلّا الأنقص فيه ، أو بما هو هو لا من حيث هو يزيد أو ينقص ، فيكون المقوّم هو المعنى العامّ المرسل.
حكومة
(٣٢ ـ إختلاف الوجود القيّوميّ والوجودات الإمكانيّة الهالكة)
فأمّا متشبّثات أولئك الأقوام ، من : «أنّ المقدار التامّ والنّاقص ما زاد أحدهما على الآخر بعرضىّ ولا فصل مقسّم للمقدار ، فإنّه عرضىّ أيضا لما يقسّمه ، فالتفاوت في المقادير بنفس المقدار ، وليس الزائد خارجا عن المقدار ، بل ما زاد به هو كما ساوى