به في الحقيقة ، فليس الافتراق بين الخطين المتفاوتين بالطول والقصر إلّا بكماليّة الخط ونقصه. وكذا بين السواد التامّ والنّاقص ، فإنّهما اشتراكا في السّواديّة وما افترقا في أمر خارج عن السّواديّة ـ فصلا كان أو غيرها ـ فإنّ التفاوت في نفس السّواديّة ، فالجامع بين هذه الأشياء كلّها التّماميّة والنّقص في نفس الماهيّة» (المطارحات ، ص ٣٠٠).
و «أنّ حدّ الحيوان هو أنّه جسم ذو نفس حسّاس متحرك بالإرادة. ثمّ الّذي نفسه أقوى على التحريك وحواسه أكثر ، لا يشكّ أنّ الحسّاسيّة المتحركة فيه [٧٣ ظ] أتمّ ، فيكون حيوانيّة الإنسان ، مثلا ، أتمّ من حيوانيّة البعوضة ، مثلا ، وإن لم يستعمل في ذلك أدوات التّفضيل والمبالغة بحسب اللغة اللسانيّة. فالحقائق لا تقتنص من الاستعمالات اللغويّة والإطلاقات العرفيّة الجمهوريّة ، وأنّ الوجود القيّومىّ الوجوبىّ أتمّ ، لا محالة ، من وجودات الجائزات الفاقرة الهالكة» (حكمة الإشراق ، ص ٨٨).
فواهنة الأساس ، موهونة التبيان ، فإنّ المقدارين الزائد والناقص ماهيّة المقدار فيهما على شاكلة واجدة ، وليست طبيعة المقداريّة في أحدهما أزيد ، بل إنّهما في حدّ التّعيّن الفرديّ اختلفا في التمادى على أبعاد محدودة إلى حدود معيّنة ، وذلك أمر خارج عن طبيعة المقداريّة بما هي مقداريّة عارض لها من جهة اختلاف استعدادات المادّة المنفعلة ، وهو يستتبع كون الفردين في حدّ هويّتيهما الفرديتين ، بحيث إذا اعتبرا مقيسا أحدهما إلى الآخر كانت هناك زيادة بحسب الهويّة الفرديّة العارضة للطبيعة أخيرا بعد مرتبة الماهيّة المرسلة ، لا بحسب نفس جوهر الطبيعة ، فالخطّ الطّويل والخطّ القصير إن لوحظا من حيث طبيعته الخطيّة ، أى : البعد الواحد ، كان كلّ منهما طولا حقيقيّا يضاهي الآخر في أنّه بعد واحد ، ولا يعقل بينهما في هذا الطّباع تفاوت أصلا ؛ وإن لوحظ أحدهما بقياسه إلى الآخر كان الأزيد منهما طولا إضافيّا يفضل على الآخر بحسب خصوص الهويّة الفرديّة. فالطّول الحقّ ليس يقبل الأزيد والأنقص ، بل إنّما الطّول المضاف. وكذلك الكثرة بلا إضافة هي العدد ، والكثرة بالإضافة عرض [٧٣ ب] في العدد ، والكثير الحقّ ليس يقبل الأكثر والأقلّ ، بل إنّما الكثير المضاف.
وطبيعة السواديّة أيضا في السّوادات المختلفة بالشدّة والضّعف على سبيل واحد ، وإنّما ذلك الاختلاف بحسب خصوصيّات أفراد الطبيعة ومن حيث الإضافة