قاطبة أصحاب العصور الخالية والباقية معا ، ينفى التّقدّر الزّمانيّ ، ويجعل جملة الأزمنة والزّمانيّات (والمتزمّنات ، ل) بالقياس إليه ، سبحانه ، على نسبة واحدة.
فالمعيّة المثبتة لا هي مكانيّة ولا هي زمانيّة ، بل هي نسبة إحاطيّة غير متقدّرة ، ومعيّة دهريّة غير بائدة. وزمر قاطبة سواد الإمكان في هذه النّسبة كموجود واحد محتشد الأجزاء. وبارئها ليس يفارقها أبدا ، ولا يقارنها مقارنة مكانيّة أو زمانيّة ، كما قال مولانا أمير المؤمنين وسيّد المسلمين ، عليه صلوات الله وتسليماته : «ليس في الأشياء بوالج ولا عنها بخارج». (١)
سياقة
(١٣ ـ الحدوث الدّهريّ لعوالم الجواز والإمكان)
هل أنت ذو قريحة نقيّة ، فيعطيك ما تلقّيته الحكم على جملة عوالم الجواز بالحدوث ، حدوثا دهريّا. أليس إذا كان بعض الجائزات متسرمد التّقرّر ، وبعضها مسبوقا بالبطلان الدّهريّ ، كان القيّوم الواجب بالذّات ، جلّ ذكره ، مع المتسرمد ، وهذا المسبوق بالبطلان معدوم في الدّهر. ثمّ اذا هو ، سبحانه ، صار معه أيضا إذ وجد فيه ، فقد تحقّقت المعيّة الاولى في الدّهر مفترقة عن الثّانية ، ثمّ استمرّت معها فيه ، فقد لزم حصول امتداد في الدّهر وعروض نسبة متقدّرة امتداديّة للقدّوس الحقّ ، وهما محالان.
فإذن يتعيّن : إمّا أن يكون كلّ ما على ساهرة عالم الإمكان سرمديّا ، وهو فطرىّ السّفسطيّة ، وإما أنّ تكون قاطبة قاطنتها من المفارقات العقليّة والذّوات النّوريّة إلى المتزمّنات الكيانيّة والهويّات الهيولانيّة سواسية في الوجود بعد العدم في الدّهر ، فهذا هو الحكمة الحقّة.
فالجاعل الحقّ قد أخرج جملة المعلولات من [١٠ ب] متن اللّيس الصّريح وكتم العدم الباتّ المعبّر عنه باللاخلاء واللّاملاء الزّمانيّ الى صرحة التّقرّر والوجود في وعاء الدّهر مرّة واحدة دهريّة ، فبطل عقد العدم عليها بالإطلاق العامّ الدّهريّ. فنسبته ، عزّ مجده ، إلى هذا الجزء من الزّمان ، مثلا ، بالقبليّة فالمعيّة الدّهريّتين ، كنسبته بهما إلى نفس الزّمان جملة ، وكذلك إلى هذا الحادث اليومىّ لا إلى المجعول الأوّل ، بل زمر المعلولات كافّة.
__________________
(١) قال صلوات الله عليه في خطبة اخرى : «لم يقرب من الأشياء بالتصاق ، ولم يبعد عنها بافتراق». منه دام ظلّه.