تكثّر الهويّات الشّخصيّة ، وكان ذلك أيضا على سلف العشيرة عسيرا ، فاضطرّهم إلى أن يكلوا الأمر رأسا إلى الحدس الصائب. فإذن ليس في الكيف زيادة ونقصان ، ولا تزيّد وتنقّص ، بل إنّما شدّة وضعف [واشتداد وتضعّف. ولا في الكم شدة وضعف] ولا اشتداد وتضعّف ، بل إنّما الزيادة والنّقصان والتزيّد والتنقّص.
وأمّا مقولة الجوهر ، فليس يصحّ فيها شيء من ذلك ، وليس الاشتداد ببقاء الضعيف متغيّرا في نفسه ، ولا بانضمام شيء ما إليه ، بل بتحرّك الجوهر الموضوع باقيا بعينه ، على أن ينسلخ عن النّوع الضّعيف ويتلبّس بالنّوع الشّديد بالحركة ، وهذا الأخير قد استمرّ عليه اتفاق الفئتين.
تشريق
(٣٤ ـ في تشكيك الطبيعة المرسلة)
فإن شاء شاء أن ينقاد للحقّ ، يستمع لضابطة الاختلاف التشكيكىّ ، فليعلم أنّ التّشكيك : هو أن يختلف قول الطبيعة المرسلة على أفرادها في نحو الفرديّة وفي درجة الفرديّة وأنواعه أولويّة وأقدميّة وأتميّة ، إمّا بالأشديّة أو بالأكثريّة أو بالأزيديّة. وأمّا الاختلاف بالنفسيّة والجزئيّة وبالذّاتيّة والعرضيّة ، فوراء طباع التشكيك ، وليس يسوغ شيء من الأنواع في الماهيّة وفي جوهريّاتها أصلا. أمّا الأوّلان ، فلاستواء نسبته الطبيعة إلى الأشياء الطّبيعيّة الّتي هي ذاتيّة لها ، وامتناع تخلّل الاقتضاء بين جوهر الشّيء وجوهريّة. وأمّا الأخير بأصنافه الثلاثة ، فلما تلى عليك [٧٥ ب] ، والنقض بالعارض ساقط.
فالذى يقال بالتّشكيك مطلقا هو العرضىّ المحمول. والكماليّة المعتبرة في الأتميّة منه إنّما هي في خصوصيّة الفرد القائم في المعروض من أفراد العارض المبدأ لاشتقاق المحمول بحسب الهويّة الفرديّة. فطبيعة السّواد ، مثلا ، على التّواطى الصّرف في أفرادها الشديدة والضعيفة قاطبة. وإنّما المشكّك مفهوم الأسود على معروضي الفردين المختلفين بالشدّة والضّعف في حدّ الهويّة الفرديّة. وأمّا ازدياد الطبيعة المرسلة في بعض الأفراد فقد أحاله البرهان المتلوّ عليك إحالة مرسلة على الإطلاق.
فكما لا كميّة أزيد في أنّها كميّة من كميّة وإن كانت كميّة أزيد من كميّة ، ولا كثرة أكثر في أنّها كثرة من كثرة وإن كانت كثرة أكثر من كثرة ، ولا سواد أشدّ في أنّه سواد