المصداق لمفهوم الموجود المشتقّ منه ، أعنى استدعاء [٧٩ ظ] طباع هذا المفهوم المصدريّ ذلك ، على أن يكون بهذا اللحاظ حال المفهوم المنتزع ، لا حال الذّات الّتي هي المنتزع منه. فيبيّن الأمر من جهة العلّة ، إذ طباع الجواز وطبيعة الوجود بحسب صحّة الانتزاع بالفعل من الذّوات الجائزة علّة لذلك. فالمعلول بحسب الوجود المحمول ربّما يكون علّة بحسب الثّبوت الرّابط ، كالمؤلّف بالقياس إلى المؤلّف.
ولزوم الشّيء لملزومه قد يلحظ بحيث يكون حال الملزوم ، وقد يلحظ بحيث يكون حال اللّازم. ثمّ اللازم قد يكون بخصوصه علّة للّزوم مهما لحظ على أن هو حاله ، أى : اعتبر كون اللّازم بخصوصه بحيث لا يتبع إلّا ذلك الملزوم بعينه ، كما أنّ الملزوم أيضا علّة له مهما لحظ على أن هو حاله ، أى : اعتبر كونه في ذاته بحيث يستتبع ذلك اللّازم ، كما الحال في الحرارتين المختلفتين بالنّوع اللازمتين للشمس والنار ، وليس يلزم كون شيء واحد هو اللزوم مستندا إلى علّتين هما الملزوم واللازم.
فإذن ، يستبين ، بالفحص من طريق اللمّ ، أنّ العالم الموجود مفتاق البتّة في الحصول بالفعل إلى الصّانع الواجب بالذّات ، فيتمّ أنّ الواجب بالذّات صانع للعالم ، عقدا إيجابيا. فيكون إذن وجود موضوع ذلك العقد في نفسه من البيّنات بالضّرورة الفطريّة ، ثمّ يتدرّج على التنزل منه ومن وجوده وخيريّته إلى مراتب المجعولات على سبيل البرهان اللمّىّ إلى أقصى الوجود.
مفحص
(٤١ ـ الوقوف على حقائق الأشياء ليس في قدرة البشر)
لا ينخبئنّ عن فطانتك : أنّ جوهريّات الماهيّات الجوازيّة ، وكذلك عرضيّاتها المقابلة للجوهريّات ، ليست هي المفهومات المعبّر عنها. فإنّ المعبّر به خاصّة [٧٩ ب] ولازم لما يعبّر عنه على الإطلاق ، وإنّما المحكوم عليه بأنّه جوهريّ أو عرضى هو المعبّر عنه الّذي هو بذاته مبدأ لزوم ذلك اللّازم وخاصيّته ، والاختلاف بالجوهريّة والعرضيّة في اولات العنوانات في حدّ ذواتها ، لا في مفهومات العنوانات أنفسها.
أليس ممّا قد بان لك في الفلسفة الّتي فوق الطبيعة : أنّ الفصول المقوّمة للأنواع مطلقا ، والأجناس العالية الّتي لا جنس فوقها ، إذ هي بسائط في ذواتها وعند العقل