بالحقيقة وحدّا على التوسّع من جنس توسّعيّ وفصل توسّعيّ ، لا كالرّسوم المشهورة من العوارض اللاحقة والعرضيّات المصطلحة الّتي ليست هي عنوانات جوهر الحقيقة ، بل هي عنوانات امور تلحق الذّات بعد قوام الحقيقة ، كالضاحك والكاتب.
فإذن ، قد استبان : أنّ العرضىّ الّذي بإزائه الجوهريّ كالأبيض ، عنوان المفهوم منه ، وذو العنوان المعبّر عنه بالعنوان كلاهما عرضيّان. وأمّا الجوهرىّ ، فإنّ عنوان المفهوم منه عرضىّ ، بخلاف ذى العنوان المعبّر عنه بالعنوان ، فإنّه جوهرىّ بتّة. وإنّ أجزاء لحدّه البسيط أجزاء لحدّه ، لا لقوامه ، وأجزاء حد المركب ، أى : الجنس والفصل ، أجزاء لحدّه ولقوام جوهره جميعا. وإنّ الرؤساء الشّركاء يقولون : ربّما تقام رسوم [من أجناس وخواصّ مقام حدود حقيقيّة] من أجناس وفصول ، ويرومون بالخواصّ الفصول التوسّعيّة [٨٠ ب] المعبّر بها عن الفصول الحقيقيّة ، لدلالتها عليها بالذّات.
وبالجملة ، الفصول والأجناس البسيطة تلحظ لها لوازم وعنوانات يوصل الذهن تصوّرها إلى حاقّ الملزومات ؛ وتعريفها بها لا يقصر عن التعريف بالحدود ، فلذلك تعدّ حدودا على التوسّع ، وذلك في مطلبى «ما الاسميّة» و «ما الحقيقيّة» كليهما. والسؤال مطلقا عن نفس الماهيّة ، ولكن تارة بحسب استعمال الاسم وتارة بحسب التّقرّر والوجود. والأتباع المقلّدون ، إذ لا قسط لهم من التفتيش إلّا الذهول عن كنه الأمر ، يغلطون فيزعمون أنّه ريمت بالخواصّ العرضيّات اللاحقة المستعملة في إزاء الجوهريّات. ثمّ ربّما يخصّصون الحكم بمطلب «ما الشّارحة للاسم». وليسوا يشعرون أنّه إنّما المعلوم بالحقيقة في العلم الارتسامىّ الصّورة الّتي في الذهن ، ثمّ الأمر العينىّ معلوم ثان بالعرض لا بالحقيقة ، وأنّ افتراق العلم بالشيء بالوجه عن العلم بوجه الشّيء ليس إلّا بضرب من الاعتبار ؛ والمعلوم بالحقيقة في الصّورتين ليس إلّا كنه الوجه ؛ ولا علم بالذّات إلّا العلم بالكنه ، إلّا أنّه ربّما كان كنه شيء ما وجها لشيء آخر. فإذا اعتبر بما يصلح للانطباق عليه ، قيل : إنّ معلوميّته بالذّات معلوميّة ذلك بالعرض ، وليس يصحّ أن مائيّته أو هليّته مائيّة أو هليّة له. ثمّ إنّ مطلب «ما الشّارحة» ينقلب بعينه مطلب «ما الحقيقة» بعد العلم بالتقرّر ، فكيف يصحّ اختلاف الجواب فيهما بالحديّة والرسميّة؟
تقديس