(٤٢ ـ تعريف الحقيقة القيّومية متعالية عن الماهيّات الجائزات)
فاعلمن أنّ سنّة الحقيقة القيّوميّة الوجوبيّة متعالية عن شاكلة هذه الماهيّات ، فإنّها على الأحديّة الحقّة والبساطة المطلقة ، بخلاف البسائط الجوازيّة. فليس للعقول القادسة إلى اكتناه حقيقة يعبّر عنها بالوجوب بالذّات سبيل أصلا ، بل إنّما يعقل مفهوم الواجب بالذّات من غير أن يدرك شيء هو حكايته وعنوانه. لكنّ الفحص يشهد بلسان [٨١ ظ] البرهان : أنّ في التّقرّر قيّوما لو أدرك بذاته ، كان مفهوم الوجوب الذّاتيّ والواجب بالذّات عنوانا له وحكاية عنه. فهذا المفهوم له كعنوانات الجوهريّات للماهيّات. إلّا أنّ تلك بحسب إدراك القوى العاقلة ونيلها ، وهذا بحسب شهادة البرهان وحكمه ، مع أنّ العقول النّوريّة ليست بعقليّتها تنال من المشهود له شيئا. فإذن قد انفصلت وانحازت نسبة الوجوب بالذّات إلى البارئ الحقّ تعالى عن نسبة عرضيّات الماهيّات وجوهريّاتها إليها على الإطلاق.
فإذن ، شرح اسم القيّوم الواجب بالذّات يضطرّ العقل إلى أن يستأنف توسّعا آخر في التوسّع المألوف الشّائع في بسائط الجائزات على نمط أرفع واسلوب أقدس ، ويعبّر في زبر السّالفين عن استيناف التوسّع في التوسّع بالاضطرار ، ويجعل مقابلا للتوسّع وشقيقا له. وبالجملة إذ هو ، جلّ ذكره ، منفصل الحقيقة عمّا عداه مطلقا ، فليس له لازم يوصل تصوّره العقل إلى حقيقته ، بل لا وصول للعقول إلى حقيقته. فإذن ، كما لا حدّ له ، لا تعريف له يقوم مقام الحدّ على التوسّع ، بل هناك ضرب آخر من التوسّع يعرف بالاضطرار.
تشريق
(٤٣ ـ المعنى المصدرىّ لا يكون من عوارض الذّات والماهيّة)
كلّ معنى مصدريّ يكون مبدأ انتزاعه من الشّيء ذاته بذاته ، لا باقتضاء الذّات لذلك ، ولا باعتبار حيثيّة من الحيثيّات مع الذّات أصلا لا تقييديّة ولا تعليليّة ، فإنّ ما في ذلك الشّيء مطابق الانتزاع ومصداق الحمل بالذّات [٨١ ب] يجب أن يكون إمّا نفس ماهيّته ، كما في الإنسانيّة بالنّسبة إلى ذات الإنسان ، أو شيئا ممّا يدخل في جوهر الماهيّة ، كما في الحيوانيّة بالنّسبة إليه. وبالجملة ، لا يكون ذلك المعنى من لواحق الذّات وعوارض الماهيّة ، فإنّ شيئا من العوارض اللاحقة ليس ينتزع من