الذّات بما هي هي ، ولا يحمل عليها بنفس جوهر الماهيّة.
تقديس
(٤٤ ـ وجوب التّقرّر للقيّوم الواجب يكون بنفس ذاته)
أما بان لك ، في ما سلف ، تصحّح قولنا : كما أنّ لازم الحقائق المختلفة يجب أن يكون في الحقيقة لازما للطباع المشترك ومستندا إليه ، والخصوصيّات بأسرها ملغاة ، فكذلك المعنى المصدرىّ المنتزع من ذاتين بنفس الذّات ـ لا بحيثيّة ما وراء الذّات ، تقييديّة أو تعليليّة ، كما الإنسانيّة من زيد وعمرو ، والحيوانيّة من الإنسان والفرس ـ يجب أن يكون ما هو مبدأ انتزاعه بالحقيقة ومطابق حمل المشتقّ منه بالذّات ، هو الطباع المشترك بين الذّاتين. ولا حظّ لشيء من الخصوصيّتين بخصوصهما من الدّخول في ذلك إلّا بالعرض ، وإلّا لم يكن يسوغ الانتزاع والحمل بالنّظر إلى الخصوصيّة الأخرى. وكذلك الوجود المنتزع من الماهيّات المتغايرة إنّما مناط منشئيّة انتزاعه حيثيّة مشتركة بين الجميع هي حيثيّة الصدور عن القيّوم الواجب بالذّات والاستناد إليه ؛ ولا مدخل في ذلك لخصوصيّة ماهيّة ما بخصوصها أصلا.
فالوجود إنّما ينتزع من الإنسان المتقرّر ، مثلا ، ويحمل عليه بما هو صادر عن القيّوم الواجب بالذّات ومستند إليه ، لا بما هو على خصوصيّة الانسانيّة ؛ وكذلك في قاطبة الماهيّات. وقد كنت دريت أنّ الوجود ووجوب التّقرّر والوجود يجب أن يكون للقيّوم الواجب [٨٢ ظ] بالذّات بنفس ذاته ، لا بحيثيّة ما غير الذّات أصلا.
فإذن لو فرض قيّومان واجبان بالذّات ـ تعالى القيّوم الواجب بالذّات عن ذلك علوّا كبيرا ـ لكان مبدأ انتزاع الوجود ووجوب التّقرّر والوجود من كلّ واحد منهما ، ومطابق حمله عليه بالذّات هو الطّباع الذّاتىّ المشترك بينهما ، لا محالة ، وكانت الخصوصيّات ملغاة بالضّرورة الفحصيّة والغريزة العقليّة. فحينئذ نقول : ذلك الطّباع المشترك إمّا نفس الماهيّة المستتمّة التقوّم ، وإمّا داخل في الماهيّة ، وقد استبان لك سبيل إحالتهما جميعا.
تقديس
(٤٥ ـ الوجوب بالذّات عنوان حقيقة القيّوم بالذّات)
إنّك مهما حصّلت ما أصّلناه لك : ـ «أنّ الوجوب بالذّات هو بنفسه حقيقة ومبدع ، لا