المجموع ولا أمر خارج». فإنّ فيه تلبيسا من جهة الخلط بين معروض الاثنوة بما هو معروض الاثنينية ، أى : بما هو مؤلّف ، وبينه بحسب خصوصيّة الأجزاء ، ثمّ بين فاقة التألّف وبين فاقة الصدور ، فإنّما الجواز الذّاتىّ بحسب طباع التأليف مع عزل النظر عن خصوصيّة الأجزاء ، فمهما استغنت استغنى وتكون الأجزاء بالأسر علّة تامّة ومجموع الأجزاء معلولا. وبين الاعتبارين فرقان مبين ، كما في الحدّ والمحدود ، وسواء في ذلك أكان للمؤلّف جزء صورىّ أم لا.
[٤] وكقولهم : «إنّ الوجود الحقيقيّ بصرافته إمّا أن يمتنع تعدّده ، وهو المطلوب ، أو لا ، فتكون نسبة مراتب الأعداد الّتي فوق الواحد إليه واحدة ، فلا يترجّح له شيء منها إلّا بعلّة منفصلة. فالمعنى كما يفتاق في تعدّده إلى الغير ، فكذلك في تعيّن عدد بعينه له دون غيره من الأعداد». فإنّ فيه نسيانا لتشكيك الأصل الّذي ريمت الفصية عنه ، وهو تسويغ حقيقتين مفترقتين بتمام الماهيّة [٨٨ ظ] كلّ منهما وجود حقيقىّ يجهل كنهه ، وليس هناك طبيعة مشتركة يسوغ بالنّظر إليها التعدّد.
تقديس
(٥٣ ـ إطلاق «الوجود لا في موضوع» على القيّوم الواحد ليس من قبيل الجنس)
ألسنا قد أوضحنا لك : أنّ البارئ لا ماهيّة له ، فلا جنس له ، إذ الجنس مقول في جواب ما هو ، والجنس من وجه هو بعض الشّيء. والبارئ قد تحقّق : أنّه أحد حقّ ، وبسيط محض. فإذن ، هو لا يشارك شيئا في معنى جنسىّ ولا نوعىّ ، حتّى يجب أن ينفصل عنه بمعنى فصلىّ أو عرضىّ ، بل هو منفصل عن الأشياء بتمام ذاته.
ولا تظنّنّ : «أنّ «الموجود لا في موضوع» يعمّ البارئ وغيره عموم الجنس ، لكونه الّذي اعتبرناه رسم جنس الجوهر». فإنّه ظنّ مختلق ، والوجود زائد طار على الماهيّات من تلقاء جعل الجاعل إيّاها. فكيف يصير الموجود المشتقّ منه ـ وهو مفهوم ما من العرضيّات بانضياف معنى سلبىّ إليه ـ جنسا لمقولة؟ بل المعنى الّذي جنّسناه لمقولة الجوهر : «أنّه الشّيء ذو الماهيّة المنعوتيّة الّتي حقّها : أنّها مهما كانت متقرّرة في الأعيان كان وجودها وجودا ليس في موضوع وإن كان بشخصيتها وبحسب وجودها الشخصىّ في محلّ ؛ كما الصّور الجرمانيّة والصّور المنوّعة الطّبيعيّة». وهذا