عليها قول العرضيّات الغريبة الّتي هي للذات بعلل خارجة عن جوهر الماهيّة».
فمن الفلسفة الفجّة النيّة ، لا من الحكمة الحقّة السويّة ، وليس إلّا تحكّما غاسقا قد عارضه الفحص ، وتقحّما عاصفا قد صادمه البرهان. أما تحقّقت أنّ مفهوما واحدا لا يلزم أمورا مختلفة إلّا إذا كان هناك طباع مشترك هو الملزوم بالذّات حقيقة ، وإلّا لم تكن الخصوصيّات ملغاة فلا يتلأب اللزوم على الاشتراك؟ ثمّ ما الّذي أوجب أن تكون المقولات التّسع أجناسا عالية ، والماهيّة الناعتية طبيعة مشتركة بين الجميع بحسب حقائقها المرسلة ، كما الماهيّة المنعوتيّة بين الجواهر جملتها بتّة؟
فإذن ، مرّ الحقّ إن رفضت الملاجّة ليس إلّا تثنية الجنس الأقصى المبتدأ أوّلا ، ثمّ إدراج المقولات فيهما على القسمة المستوفاة. وشريكنا السّالف في فنون «الشفاء» بين تناقض في القول في هذه المسألة ومعصية للبرهان.
تقديس
(٥٤ ـ وحدة البارى تعالى ليست وحدة عدديّة)
هل بلغك قول السّالفين الأولين : «وحدة البارئ الأوّل ، تعالى ، ليست وحدة عدديّة».
فاعلمن : أنّ الّذي من فتاوينا في معناه المحصّل : هو أنّ الوحدة العدديّة هي ما تكرّرها محصّل الكثرة ، إذ ليس حقيقة الكثرة إلّا الوحدات المتكرّرة ، وليست هي بمجهولة الكنه ، ولا بممكنة القيام بنفسها. فإنّ لها موضوعا تخرج هي عن قوام ماهيّته وتعرضه بعد مرتبة الذّات [٨٩ ب] ، لا بحسب نفس جوهر الحقيقة بتّة ، كما الكثرة ، وليست حقيقتها إلّا نفس الوحدات المعروضة للتعدّد ـ كالاثنينيّة والثلاثيّة ، مثلا ، ـ يمتنع أن تكون قائمة بنفسها ، إلّا بمعروض هو مجموع معروضات الوحدات بالأسر. ووحدة الأوّل الحقّ وحدة قائمة بذاتها غير معلومة الكنه ، وجودها وتشخّصها بعينه نفس ذاتها ، وتكرّرها ممتنع بالذّات بحسب الأعيان وبحسب تصوّر العقل جميعا ، إذ كلّ ما يوضع بالفرض أنّه ثان لها ، فهو هي بعينها عند التّحديق فإذن ليست الوحدة العدديّة مضاهيتها. بل هي أقدس وأرفع.
ومن سبيل آخر : أنّ وحدة البارئ الفاطر لا يصحّ أن تكون شيئا من الوحدات الّتي تتألّف منها كثرة ما ، فلا شيء من الكثرة يعقل [أن يتحصّل من وحدته ووحدة أخرى