له ومجده الّذي يخصّه ، فهذا سلب محض ، إلّا أنّه يلزمه في العقل وجود ، وهو أنّه واحد بذاته. وبالجملة ، لا يعقل له وحدة تلحق ذاته ، فيكون هذا واحدا بتلك الوحدة ، بل وحدته سلب الشريك عنه بنفس ذاته.
ومن هذا النّمط ما قال فيثاغورس ، واستمرّ عليه الفيثاغوريّون :
«تارة إنّ الوحدة : إمّا وحدة غير مستفادة من الغير ، وهي مبدأ المخلوقات ، وتارة إنّ الوحدة على الإطلاق وحدة قبل الدهر ووحدة مع الدهر ووحدة بعد الدهر ، وهذه وحدة النفس ، ووحدة مع الزمان وهذه وحدة الأسطقسات والمركّبات».
إلّا أنّ مقالتهم : «ثمّ الأعداد هي مبادى الموجودات ، وإنّما اختلفت الموجودات في طبائعها ، لاختلاف الأعداد بخواصّها» ، إلى سائر المعزوّات إليهم ، لا يستصحّها البرهانيّون وربّما تعدّ مرموزات فاقرة إلى تأويلات.
تقديس
(٥٥ ـ مبحث العلم ، علم الواجب الحقّ أكمل العلوم)
ألم يقرع سمعك في أضعاف الصّناعة : أنّ المعقوليّة مطلقا هي وجود الشّيء للموجود المفارق ، وعاقليّة الموجود [٩١ ب] المفارق هي وجود شيء له. ففى العقل الحضوريّ يوجد الشّيء بعينه له ، وفي العقل الانطباعىّ بصورته المتمثلة فيه. ووجود المعقول بما هو معقول في نفسه هو بعينه وجوده لعاقله ، وجوده لعاقله هو بعينه عقله اياه. وكذلك المحسوس بما (ممّا) هو محسوس ، وجوده في نفسه هو بعينه وجوده للجوهر الحاسّ ، ووجوده للجوهر الحاسّ هو بعينه محسوسيّته له وحاسيّته الحاسّ إياه.
وبالجملة ، مطلق العلم هو بعينه الوجود للعالم. والصّادّ عن التعقّل ليس إلّا الهيولى وعلائقها. فالجوهر البريء الذّات عن علائق المادّة ، إذ وجوده لذاته ، لا للمادّة. فذاته غير محتجبة من ذاته ، بل وجوده لذاته هو بعينه عقله لذاته. وبالجملة فالذي ذاته له ، فهو عقل ذاته معقول ذاته وفيكون ذاته ، بما هي متقرّرة ، موجودة لنفسها عقلا وعاقلا ومعقولا ، فوجوده هو بعينه الصّورة العقلية من ذاته لذاته.
وأمّا الوجود الصّورىّ العقلىّ في العقل [الارتسامىّ ، فهو الوجود الّذي إذا تقرّر في الشّيء صار للشىء به عقل. والّذي] يحتمل نيله هو عقل بالقوّة. أعني العقل بالملكة