البرهان وبإعطاء التّعيّن : هو الّذي من النمط اللّمّى. (١)
تشريق
(٦٠ ـ المعلوم الفعلىّ والمعلوم الانفعالىّ)
مهما كان تقرّر جوهر المعلوم مسبوقا بصورته العلميّة منبعثا عنها مترتّبا عليها ، كان العلم فعليّا يفيد وجود ذى الصّورة ، وهو المعلوم بالقصد الثّاني. وتلك الصّورة هي العلم والمعلوم بالذّات وبالقصد الأوّل ، كما الصّورة الصّناعيّة المتقرّرة أوّلا في ذهن من يصنع شيئا بالقياس إلى مصنوعه.
ومهما كانت [٩٤ ظ] الصّورة العلميّة الّتي هي المعلوم بالذّات مستفادة من جوهر المعلوم المتقرّر متأخّرة عنه تأخّرا بالذّات ، كان العلم انفعاليّا يتبع وجود المعلوم في ذاته ، وإن كانا على التطابق بحسب الماهيّة. كما علمنا بالموجودات الّتي ليست هي بصنعنا ، وهو منحطّ في الفضل عن العلم الفعلىّ ، فإنّه ، لا محالة ، أفضل منه وأقوى وأتمّ. ومهما كان جوهر المعلوم الموجود وذاته المتقرّرة هو بعينه صورته العلميّة ، ولا صورة له في العلم إلّا نفس هويّته العينيّة ، كان العلم ظهورا خارجا عن القبيلين لا يعقل فيه فعل ولا انفعال ، كما علم الذّوات العاقلة بأنفسها ، والاسم يقع على الثلاثة بالاشتراك ، ثمّ كلّ يختلف في الموضوعات بالتشكيك.
تقديس
(٦١ ـ علم الجاعل التامّ بنفسه وبالأشياء فوق التمام)
أما استيقنت أنّ سنّة الوجوب بالذّات إفاضة الخير من غير ضنين ، واصطباب العالم من فيضه بلا رهين وضمين ، وأنّ كون البارئ الفاطر واجبا بذاته هو بعينه كونه مبدءا لفيضان الخير عنه بالذّات. فنظام الخير ـ أى : نظام الكلّ الواحد ـ بالشخص الّذي هو «الإنسان الكبير» ، إنّما يتعيّن ويتخصّص من تلقاء ذات المبدأ الحقّ بذاته ويفيض من مجرّد وجوده الّذي هو بعينه نفس ذاته.
__________________
(١) هذا ينافي ما تقرّر عنده ، دام إفضاله ، من أنّ المعلول يقتضي بحسب ذاته استناده إلى الجاعل القيّوم الواجب الوجود.