جلّ جنابه ، بالذّات وبالقصد الأوّل من بدء الأمر.
فإذن ، المعلولات متضاعفة الفاقة إليه ، تعالى ، بحسب البعد عن جنابه في السلسلة الطّوليّة وبعدد ما يعوزه من المعدّات والشرائط ، وسواسية الفاقة إليه ، تقدّست أسماؤه ، بالنّظر إلى طباع الجواز وبحسب هويّاتها بأعيانها في السلسلة العرضيّة ، فهذا ما يهتف به البرهان من بطنان الحكمة.
تلويح
(٦٤ ـ الوجود الواجب بالذّات له الاضافة الجاعلية إلى غير ذاته)
أمّا قرع سمعك : أنّ النفس تستخدم قوّة سلطانها في حيّز الرّوح الّذي ، في الجزء الأوّل ، من التّجويف الأوسط الدّماغىّ ، تفصّل وتركّب [٩٦ ب] وترتّب ، هي المتفكّرة والمتخيّلة باعتبارين فبذلك الاستخدام تنزع الطّبائع من الشخصيّات وتأخذ النّتائج من المبادى ، فهى ، لا محالة ، تطالع الطّبائع المرسلة والهويّات الشّخصيّة والقوّة الخادمة جميعا. وتلك لا سبيل لها إلى مطالعة المرسلات ولا إلى مشاهدة نفسها ، لكونها جرمانيّة وتقرّر الجرميّات والجرمانيّات في ذواتها هو بعينه تقرّرها الرابطىّ للمادّة الّتي ليس طباع جوهريّتها إلّا فعليّة القوّة المحضة.
فنفسك كما تعقل ذاتها بنفس هويّتها العينيّة ، تدرك قواها الشّخصيّة بنفس هويّاتها وصور المرسلات المتقرّرة في ذاتها ، والشّخصيّات المنطبعة في تلك القوى الحاضرة لها بنفس تلك الصّور. والمدرك هو نفس الصّورة الحاضرة ، لا ما خرج عن التصوّر ، إلّا بقصد ثان.
فإذن ، لا إدراك بالحقيقة إلّا العلوم الحضوريّة الشهوريّة. والنفس غير غائبة عن ذاتها ولا قواها ، ولا الصّور المتمثّلة فيها وفي قواها محجوبة عنها ، ولا بدنها الشخصىّ مختف عليها. وأمّا الإدراكات الانطباعيّة فعلوم بالعرض لمعلومات لا بالذّات بل بالقصد الثّاني. ولو كان تجرّد النفس أكثر وأشدّ كان الإدراك لذاتها أزيد وأتمّ ، ولو كان سلطانها على البدن أقوى كان حضور قواها أشدّ وظهور [الصّور] المنطبعة أصفى ، ولو كنّا ذا سلطنة على غير بدننا سلطتنا عليه لكنّا أدركنا إياه.
فإذن قد لاح أنّ الوجود البحت الواجب بالذّات ، إذ هو أعلى ما يتصوّر تجرّدا و