بحت معنى ما بالقوّة.
وبالجملة ، الإيجاب والجعل التامّ يجعل الأثر المجعول بحيث يصير بالنّسبة إلى الموجب التامّ الجاعل بصرف ذاته : كهو مع نفسه في الارتباط والاقتراب وعدم الاستتار والاحتجاب. فلا تبتعدنّ عن السّبيل ، فبارئك المحيط أقرب إليك من ملاك نفسك إلى طلسم جسدك من طبائع ذاتك إلى جوهر هويّتك مرّات [١٠٠ ب] لا متناهية.
تقديس
(٦٩ ـ القيّوم بالذّات يعقل كلّ شيء عقلا غير زمانىّ)
أليس إذن من بتّىّ الثّبوت لديك : أنّ شخصيّات النّظام وذرّات الوجود ، أبديّاتها وبائداتها ، ثابتاتها ومتغيّراتها ، واجبة الانتهاء والاستناد إلى القيّوم بالذّات ، وهو عالم بذاته وبجميع جهاته ، أتمّ العلوم ، والعلم بالجاعل التامّ علم تامّ بمجعولاته. وأيضا الماهيّات والهويّات بأسرها متقرّرات رابطيّة ، إنّما تقرّرها ووجودها لجاعلها الحقّ. كما قال في القرآن الحكيم : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) (البقرة ، ٢٥٥) ، ومعلوميّة الشّيء لغيره هي وجوده الرّابطىّ لذاته المجرّدة.
وأيضا ، قد أقرأناك ، من صحفنا ، أنّ قسطاس التشخّص ، بمعنى امتناع المقوليّة على الكثرة ، من بعد اعتبار التّمييز المستفاد من تضامّ الخواصّ والعوارض المسمّاة مشخّصات ، إنّما هو نحو الوجود المتخصّص من حيث الاستناد إلى الموجود الحقّ المتشخّص بنفسه في مرتبة ذاته.
فإذن ، ليس في منّة العقل الصّريح إلّا أن يستيقن أنّ العليم الحقّ يعقل الثّابتات الشّخصيّة بهويّاته الثّابتة ، والفاسدات المتشخّصة بشخصيّاتها الكائنة الفاسدة على أيّ ما هي عليه من الأوصاف والأحوال والجهات والأوضاع ، عقلا تامّا ثابتا قبل الكون وقبل الفساد وبعد الكون والفساد من سبيل واحد وعلى سنة واحدة.
فمن يحسب أنّه ، جلّ ذكره ، إنّما يعلم الفاسدات على الوجه الكلىّ ـ أى : كلّ شخصىّ منها بطبائع ومفهومات مرسلة منطبقة عليه بعينه ، لا تتعدّاه في الوجود ، وإن كانت في حدّ أنفسها لم تأب القول على الكثرة ، وليس يعلمها بهويّاتها الشّخصيّة [١٠١ ظ] المتغيّرة الفاسدة متغيّرة فاسدة على الوجوه الجزئيّة ، أو يتقوّل على الفلاسفة أنّهم