يقبل الوضع ، أى : يكون بحيث يصحّ أن يشار إليه إشارة حسّيّة فيلزمه التجزّي بأجزاء مختلفة الأوضاع بذلك المعنى وبالمعنى الّذي يتخصّص بعض الأجزاء بنسبة إلى البعض ، على أن هو في جهة من الجهات وسمت من السّموت منه دون جهته وسمته ، وعلى بعد من الأبعاد غير بعده. وكلّ موجود تلك شاكلته فهو هيولانىّ الوجود لا محالة.
والطّبائع المرسلة المعقولة ليست بماديّة التّقرّر وإذا تحصّلت في شخصيّات عديدة كانت العلل الأول لشخصيّاتها وتعيّن أشخاصها هي إمّا الأزمنة كما للحركات ، أو الأمكنة كما للأجسام ، أو كلاهما مع سائر العوارض المادّيّة المسمّاة مشخّصات ، كما للأشخاص المتغيّرة المتكثّرة الواقعة تحت نوع ما من الأنواع (مستفاد من شرح مسألة العلم ، ص ٣٨).
تشريق
(٧١ ـ الزمان والدهر والسّرمد)
ألم يلح لك في ما أوتيت من الحكمة : أنّه [١٠٢ ظ] حيث لا حجم ولا تكمّم ، أى : لا انبساط في الجهات لا امتداد قارّا ، فلا علق بالمكان أصلا ؛ وحيث لا فوت ولحوق ـ أى : لا حركة ـ لا امتداد متقضّيا ومتجدّدا ، فلا علق بالزمان أصلا. فإنّما في المكان الأجسام بما هي متكممات وذوات حجوم ، وفي الزمان بما هي متغيرات واولات حركات. فالجسم في المكان بالذّات ومقارناته فيه بالعرض. والحركة في الزمان بالذّات وما في الحركة فيه بالعرض. فأمّا مطلق الوجود والعدم بما هما وجود وعدم فبمعزل عن ذلك كلّه ، فضلا عن الوجودات الّتي هي للمفارقات الثّابتة. فالعقل مستنفر عن استنادها إلى شيء من ذلك.
وليس بمستسوغ أن يقال : «الإنسان الصّراح من حيث طبيعته المرسلة أين يوجد أو متى يوجد؟ والخمسة نصف العشرة في أيّة بلدة يكون أو في أيّ زمان يكون؟» بلى إذا تعيّن شخص ، كهذا الإنسان وهذه الخمسة والعشرة ، ساغ العلق بأين ومتى من حيث الشّخصيّة. فالأشخاص المتفقة الحقيقة زمانيّة ومكانيّة ، وبالجملة ، متعلّقة الوجود بالمادّة بتّة. وربّما كانت الأشخاص المختلفة الحقائق أيضا متعلّقة بالمكان والزمان ، إذا كانت هيولانيّة الذّوات ومعروضة الحركات ، كالأجرام العلويّة وكلّيّات الكرات السّلفيّة الأسطقسيّة.