في أفق التّقضّى والتجدّد أو يتأخّر عنه ؛ ولا يحكم على شيء من ذلك بالعدم ، إذ ليس يصحّ العدم إلّا إذا رفعت جملة الوجودات ؛ بل بدل ما يحكم المدرك الزمانىّ حين حكمه أنّ الماضى ليس موجودا في الحال ، هو أبدا يحكم على كلّ متزمّن بعينه بأنّه موجود في زمانه بعينه ، وليس بحاصل التّقرّر في غير ذلك [١٠٤ ظ] الزمان من الأزمنة الّتي قبله أو بعده. وكذلك يكون عالما بكلّ شخص مكانىّ بعينه ، وأنّه حاصل الوجود في أىّ جزء بعينه من عالم المكان وأيّة نسبة مسافيّة بينه وبين ما عداه ممّا يقع في جميع جهاته وكم الأبعاد بينها جميعا على الوجه الواقع في نظام الوجود.
فإذن ، هو ليس يحكم على شيء أصلا بأنّه موجود الآن أو معدوم ، أو موجود هناك بالقياس إليه أو معدوم ، والأشياء ليست تنقسم عنده إلى حاضر وغائب ، لأنّه ليس بزمانىّ ولا مكانىّ ، بل نسبة الأزمنة والأمكنة جميعها إليه واحدة. وإنّما يتخصّص بهذا الآن أو بهذا المكان وبالحضور والغيبة ، أو بأنّ هذا الجسم فوقىّ أو تحتيّ أو قدامي أو خلفىّ من يقع وجوده في الزمان وفي زمان بعينه ، أو في المكان وفي مكان بعينه» (نصير الدين الطّوسى ، شرح مسألة العلم ، ص ٣٩ ، ٤٠).
تأنيس تمثيلىّ
(٧٣ ـ نسبة الأشياء والموجودات إلى البارى تعالى)
إنّ من في عريش وهو ناظر إلى الخارج من ثقبة ضيّقة إنّما يبصر العساكر المجتازة واحدا فواحدا ، أو المقادير الطويلة العظيمة شيئا فشيئا ، وهى محتشدة في الوجود خارج العريش. والذي هو بارز فاتح عينيه يبصرها محتشدة معا على ما هي عليه مرّة واحدة.
وإذا أمررت سلكا مختلفا ألوان أبعاضه على بعض ضيّقات الحدقة ، كذرّة أو غيرها ، كانت السواسية الحضور لديك ، لسعة إحاطتك بتلك الجملة متعاقبة في الظهور عليها لضيق حدقتها ، والإنسان الحسّىّ الّذي هو صنم للإنسان العقلىّ مواضع أعضائه مختلفة ، والإنسان العقلىّ جملة [١٠٤ ب] أعضائه روحانيّة لا تعقل لها مواضع مختلفة.
فاعتبر من ذلك كلّه واخبر اختلاف نسبة الامتداد الزمانىّ جملة بقاطبة مقارناته من الحوادث المرتبطة بالأزمنة والآنات إلى النظر الوهمىّ للقوى المدركة الزمانيّة وإلى البصر العقلىّ البارز عن عريش التغيّر إلى سماء الثّبات تعاقبا واجتماعا. فالسالك