طريقا ما أرضيّا إذا صار إلى آخره فارق أوّله. وأمّا السّالك في أرض الحياة ، فإنّه يسلك إلى الأقصى من غير مهاجرة من المبدأ الأوّل ، ويكون في الأولى وفي القصيا وفي ما بينهما على حالة واحدة.
تشريق
(٧٤ ـ التّشخّص مطلق على معنيين)
ألم يبلغك أنّ لفظة التّشخّص يقع في الإطلاق الصّناعىّ على معنيين : أحدهما تميّز الشّيء عن سائر مشاركاته في الوجود ، والآخر امتناع الشّركة الحمليّة فيه بحسب نفسه. فالأوّل كثيرا ما يفيده تضامّ مرسلات عدّة ، ومنها الأعراض المادّيّة المسمّاة مشخّصات. وذاك الّذي يرام في قولهم : «الأشخاص المتّفقة الماهيّة» ، يتشخّص بالوضع والوضع يتشخّص بذاته وبالزمان ، والزمان بالوضع ، وكذلك المكان. وأمّا الثّاني ، فليس يسوغ أن يتصحّح من ذلك. وجملة الطبائع المرسلة المتضامّة متناهية ومتمادية إلى لا نهاية في حكم طبيعة واحدة في عدم الصّلوح لإفادته. فإذن ليس شيء من مقولات الجائزات ما بحسبه الشّخصيّة المقابلة لصحّة الشّركة ، ولو كان كلّ شيء ذا ماهيّة مرسلة لم تكن في التّقرّر ولا في التّصوّر هويّة شخصيّة [١٠٥].
تغريب وتشريق
(٧٥ ـ الجاعل التامّ يفعل تشخّص الهويّة بذاته)
لا تستسوغنّ ما قد يخمّنّ بالظنّ أنّ مبدأ الشخصيّة ، الّتي هي امتناع الشركة الحمليّة في كلّ هويّة متشخّصة جائز الذّات من أشخاص الطّبائع المرسلة ، جائز ما متشخّص بذاته ، غير مندرج بجوهر حقيقته تحت طبيعة ما أصلا. وإن ساغ أن يخرج من جملة المقولات ما ليس له ماهيّة محصّلة متأحّدة تأحّدا نوعيّا بعد أحديّة جنسيّة ، فإنّه إنّما لن يستطيع ذاكر أن يذكر شيئا لا يقع بجوهر ذاته تحت واحدة منها إذا كان قد تحصّلت له ماهيّة متأصّلة ذات تأحّد نوعىّ من بعد أحديّة جنسيّة.
أليس من المتبرهنات ، بل من البيّنات ، بصريح الغريزة القويّة الحدس ، أنّ كلّ جائز الذّات فإنّ وجوده وراء جوهر حقيقته ، والعقل ليس يستصحّ أن يضع للتشخّص مرتبة