المحسوسة. (١) ولا استغراب في أحكام العقل بالفطرة أو بالبرهان. [١٢ ظ] (٢)
تذييل
(١٧ ـ مناط علاقة المفارق مع الزّمانيّ)
من المنصرح : أنّ علاقة المفارق المحض مع الهويّة المتزمّنة بالمعيّة في التّحقّق إنّما مناطها أنّ وعاء صرف التّقرّر والوجود يجمعهما ، لا أنّ تلك الهويّة المتزمّنة واقعة في زمان وفي زمان ما بعينه ، إذ ليس بذلك الاعتبار (٣) بينها وبين النّور المفارق معيّة ولا تقدّم ولا تأخّر ، إذ ليس يتصوّر أنّ يجمعها افق الزّمان أصلا.
فإذن مهما حكم على شيء من المتمتّيات والمفارق المطلق بالمعيّة أو القبليّة ، وجب أنّ يعتبر وجود المتمتّى بما هو وجود واقع في الدّهر ، لا بما هو وجود زمانيّ متمّت متغيّر في افق الزّمان ، أي : بحسب خصوصيّة هويّته باعتبار التّزمّن.
وهذا ، كما إذا اتّفق لأحدنا أنّ يكون مع متمكّن ما في دار ، فإنّه حينئذ كان مع كلّ جزء من أجزاء ذلك المتمكّن في تلك الدّار ، من حيث إنّ تلك الدّار تجمعه وذلك الجزء ، لا من حيث إنّ ذلك الجزء بخصوص هويّته متخصّص بحدّ ما بعينه من حدود ذلك المتمكّن ومن حدود مكانه. فبحسب هذه الحيثيّة بخصوصها ليس يعقل أن يحكم بالاجتماع في تلك الدّار أو بالافتراق في دارين. فهي بخصوصيّتها ملغاة في الحكمين جميعا.
__________________
(١) فإذن ، إنّما المستحيل اتّحاد الأنوار المفارقة والذّوات الهيولانيّة ، لا اتحاد الطبائع المجرّدة المعقولة وأفرادها المادية المحسوسة. فإنّ ما يتّحد مع المحسوس لا يلزم أنّ يكون محسوسا البتّة ، إذ ربما لا يكون الاتحاد بحسب حيثيّته المحسوسيّة ، بل يتكثّر موضوع المحسوسيّة واللّامحسوسيّة بحسب التحليل في لحاظ العقل. وليعتبر مثل ذلك في الزّمانية والدّهرية. منه دام ظله.
(٢) قوله : «بالفطرة أو بالبرهان» ، إذ حيث يحكم البرهان يعلم أنّ الاستغراب إنّما هو من استيحاشات الوهم (منه).
(٣) قوله : «أليس بذلك الاعتبار. الخ». وهذا معنى ما قال في «المطارحات» موافقا لما في «الشفاء» ، وغيره من كتب شركائنا السالفين : «وليس كلّ شيئين ليس بينهما تقدّم وتأخّر زمانيّ هما معا زمانا ، فإنّ المفارق بالكلية لا يتقدّم على زيد زمانا ولا يتأخّر منه وليس معه الزّمان أيضا ، وكذا غيره. فاللذان هما معا في الزّمان بالحقيقة يجب أن يكونا زمانيّين ، كما أنّ اللّذين هما معا في الوضع والمكان هما مكانيّان». ليسوا يعنون : أنه لا يكون معه في الوجود شيء من الاعتبارات أصلا ، إذ المعيّة الدّهريّة ثابتة بتّة ، ولكن إذا اخذ زيد بما هو موجود واقع في الدّهر ، لا بما هو متزمّن متغيّر (منه دام ظله العالى).