الشّخصيّين ، المتخصّص وجوده [١٠٧ ب] بهما عند عاقله المحيط به وبأسبابه أبدا ، أبديّة دهريّة غير زمانيّة. فالمعلوم واحد في الضّربين. وهو الهويّة بما هي شخصيّة ممتنعة الشركة، وإنّما المختلف نحو العلم ، إذ ما هو المحسوس في الضّرب الزمانىّ بالإدراك الإحساسىّ هو بعينه معقول في الضّرب التامّ بالعلم التعقّلىّ الغير المتغيّر.
فمن المستبين : أنّ العلم التامّ بالعلّة التامّة موجب العلم بالمعلول ، لا موجب الاحساس به أو تخيّله ، بل إنّه مستوجب إحالة الإحساس والتخيّل. أليس هو موجب العلم التامّ به من تلقاء إيجاب الجاعل إياه وتأدية الأسباب إليه لا من جنبة أعضاء أدويّة وآلات متجزّية. والإدراك الإحساسىّ أو التخيّلىّ ليس يمكن إلّا بالقوى الهيولانيّة ، كالحواسّ الجسمانيّة.
فإذن ، قد اقترّ أنّ مناط الانكشاف في العقل التامّ من تلقاء عقل الأسباب ظهور تأدية الأسباب وظاهريّة الجاعل التامّ من حيث كنه ذاته. ولا حظّ لوجود المعلوم من المدخليّة في تصحيح أصل الانكشاف أو أشديّته واشتداده هناك أصلا. إنّما ذلك في الإدراكات الانفعاليّة. فالشخص الهيولانىّ معقول بشخصيّه في هذا العقل ، قبل وجوده وحين وجوده على سبيل واحد ، وليس وجوده بالفعل يزيده بسطة في الظّهور والانكشاف ، بل إنّما يوجد حين ما يوجد منكشفا غير محتجب.
تقديس
(٧٧ ـ القيّوم الواجب أقدس من أن يكون زمانيّا أو مكانيّا)
ألم ينصرح لك : تبيان أنّ القيّوم الواجب (الحقّ) على أعلى المراتب في سنّة التقدّس والمكان والزمان من عوارض المادّة الهيولانيّة؟ فهو أقدس من أن يكون مكانيّا أو زمانيّا ، وأيضا هو خالق الزمان والمكان ومبدع [١٠٨ ظ] عللهما ، فكيف يكون فيهما؟
وأنّه كما ليس الوجود إلّا الموجوديّة المصدريّة ، لا حيثيّة ما تقييديّة وراء الماهيّة هي ما به الموجوديّة ؛ وإنّما صحّة انتزاعه من الموجود الحقّ بنفس ذاته ، لا بحيثيّة ما تقييديّة ولا تعليليّة ، ومن الموجودات الجوازيّة بحيثية هي استنادها إلى الموجود الحقّ ؛ فكذلك التّشخّص ليس إلّا المشخّصيّة المصدريّة ، لا حيثية ما تقييديّة ، تنضمّ إلى الماهيّة ، فتكون ما به المتشخصية ، بل إنّما صحّة انتزاعه من المتشخّص الحقّ