بالفعل ؛ لأنّه جاعل ماهيّاتها وإنّيّاتها ، ومبدأ الأسباب الّتي بمصادماتها ومصاكّاتها ومصادفاتها ومطابقاتها واجبة الانتهاء إليها بتّة.
فهو يعقل ذاته ولوازمه ولوازم لوازمه إلى أقصى التّقرّر ، دائما على سنّة ثابتة ، من غير أن يقتنص حين وجودها علما جديدا ، أو يستأنف معرفة طريّة. فهى فى ظهور وجودها له على حالة سواء في كلّ حال ، أعني [١٠٩ ظ] قبل حصولها بالفعل ومع الحصول وبعد الحصول.
ويجب أيضا أن يعلم الشّخصيّات المحسوسة الزمانيّة والمكانيّة على الوجوه الشّخصيّة الغير القابلة للاشتراك الحملىّ ، علما عقليّا هو أتمّ العلوم وفوق التمام ، فيعقل كلّا منها شخصيّا في وقته الشخصىّ ومكانه الشخصىّ أبدا بعلله وأسبابه المتأدّية إلى شخصيّته.
فنظام الوجود بجملة أجزائه وأحواله ، وإن لم يكن بحسب نفسه وفي حدّ طبيعته بحيث يأبى مطابقة صور عوالم غير هذا العالم ، هي أمثال هذا العالم ، إلّا أنّ صدوره عن جاعله التامّ المتشخّص بذاته وارتباطه بجنابه وترتّبه على نفس حقيقته الحقّة الشّخصيّة قد أحال تلك المطابقة وأوجب له امتناع الشركة.
فالجاعل الحقّ ، إذ يعلم صدور كلّ هويّة شخصيّة عن ذاته الأحديّة المشخّصة صدورا متميّزا على سبيل الانفراد ، وذلك مناط المتشخّصيّة ، فلا محالة يعلمها متشخّصة ممتنعة الشركة. فإذن ، إنّما الّذي ليس يليق بمجده هو نحو العلم الإحساسىّ أو التخيّلىّ ، لا العلم بالجزئيّات المحسوسة والمخيّلة مطلقا ـ أى : أىّ نحو كان من العلم ـ فإنّه يعلمها بهويّاتها المحسوسة والمخيّلة ، علما عقليّا هو أتمّ العلوم ، والزمان محسوس لنا من وجه ومعقول من وجه ، ومعقول له من كلّ وجه.
وكذلك ، فكلّ ما هو محسوس لأحدنا بحاسّة ما في وقت بخصوصه ، فإنّه بعينه معقول له ، سبحانه ، على أفضل الأنحاء دائما أبدا بجملة علله وأسبابه ، لا بآلة ، وما به الانكشاف لدينا وجود ذلك المحسوس بالفعل ، وعنده ، عزّ مجده ، نفس ذاته الأحديّة الحقّة.
وكما لا يسوغ أن يقال «إنّه ، تقدّست أسماؤه ، ذائق أو لامس ، مع علمه[١٠٩ ب]