فهذه أنقص مراتب الإدراكات وأدونها.
ثمّ النفس المستتمّة الذّوات بعقلها المستفاد عالما عقليّا مضاهيا للعالم الحسّىّ ونسخة مطابقة لكتاب الله المبين ، الّذي هو النظام المتسق الوحدانىّ [١١٥ ظ] لعوالم التّقرّر ، بكلّيّاتها وجزئيّاتها وجملها وتفاصيلها ؛ إذا استمكت عن سمط الامتداد الزمانىّ الّذي هو عنصر التغيّر إلى حيّز الدهر الّذي هو وعاء صرف التّقرّر ، وخرجت عن قرية الهيولى الظالم أهلها ، وانصرفت عن قبّة الطبيعة الغاسق جوّها ، ونسيت مصطبة الحسّ الميّت فوجها ، كما كانت قد نسيت فيها وطن سنخ ذاتها ومسقط رأس حقيقتها ، فاقترّت في مقرّ القرار ، واستقرّت على مستقرّ الثّبات في عالمها الّذي هو صقع القدس وعرض البهجة وأرض الحياة : انتقلت من شوب القوّة النفسيّة إلى محوضة الفعل العقلىّ ، وانقلبت إدراكاتها النفسانيّة المتعاقبة تعقّلات عقلانيّة متصافقة متصاقبة. فهنا لك تكون قد نضّت عوارض النّفوس ورفضت خواصّها واستحقّت اسم القادس.
تعقيب
(٨٤ ـ تعرّف الإنسان بالأسماء الحسنى لله تعالى)
لعلّ المستحصف حظّه ، من أحصاف ما تلونا عليك ، في العلم والتّوحيد ، يستحقّ روعه العقلىّ نصيبا ملكوتيّا من تعرّف أسماء الله الحسنى واستيناس الأنوار المودعة في بطون أسرارها وبهجة قدسيّة من الألفاظ بذكر القيّوم ، الواحد ، الأحد ، الوتر ، الصمد ، الملك ، الحقّ الغنىّ ، العليم ، الحكيم ، السميع ، البصير ، الجامع ، الواحد ، الواسع ، المحيط ، الخبير.
تقديس
(٨٥ ـ جاعل النظام مفيض الخير بالعلم والاختيار)
أليس من المستبينات : أنّ الفاعل بالطبع ليس يفعل عن علم ، بل يتبعه الفعل ، لا عن علم به وظنّ صلاح فيه ؛ والفاعل عن علم يفعل بالإرادة ويختار بالعلم لا محالة ، ويتبع الفعل علمه بوجه [١١٥ ب] الخير فيه أو بكونه متشوّقا له ومؤثرا عنده.