المخلوقات. وعند هذا بزغ سرّ ما قد رواه بعض الأقدمين من فقهائنا المحدّثين عن سادتنا الطاهرين وأئمّتنا المعصومين ، صلوات الله وتسليماته عليهم أجمعين ، في زيادة الإرادة على ذاته ، سبحانه ، وحدوثها أخيرا.
وأمّا ظنّ فريق من جماهير المتكلّفين «أنّ له ، عزّ مجده ، إرادة هي من صفاته وحيثيّاته متجدّدة الحصول لذاته» ؛ فتخمين غير معقول. أليس هو ، سبحانه ، يعلم في مرتبة ذاته نظام الخير في ما عدا ذاته على الوجه الأكمل [١١٧ ب] ، وليس يليق بجود الجواد الحقّ وحكمة الحكيم المطلق أن يعقل ما هو حسن وخير في نفسه على جهة حسنه وخيريّته في نفسه من غير أن يكون على منافاة لذاته ولما عليه ذاته ولا يرضاه.
وبالجملة ، إنّما المتجدّد نفس ذوات المجعولات والمعلومات والمرادات ، لا شيء ما في ذات الجاعل العليم المريد ، أو جهة ما من جهات ذاته. فهو ، جلّ ذكره ، في مرتبة ذاته يرضى نظام الخير المعقول من معقوليّة ذاته غير تائق إليه ، ثمّ يفعل الكلّ على النظام الأكمل المعقول جودا وتفضّلا ، لا برويّة وتفكّر وهمّة.
تذييل
(٨٨ ـ مراتب العلم والإرادة)
فإن سألت : ما خطبكم تجعلون نفس هويّات الأشياء بتقرّراتها ووجوداتها العينيّة من مراتب «العلم» و «الإرادة» على نحو من الاعتبار ، ولستم تعتبرون مثل ذلك في «القدرة»؟ قيل لك : إنّ لفظ «العلم» في الاصطلاح الصّناعىّ يقع بالاشتراك على معان ثلاثة : أحدها : المعنى المصدرىّ الإضافىّ ، وهو زائد على كلّ حقيقة أصيلة التّقرّر ، فما ظنّك بالحقيقة القيّوميّة!
وثانيها : المعنى الذي هو مبدأ تصحّح إطلاق العالم بالشيء على الموجود المجرّد وما به انكشاف الشّيء المعلوم لديه. وهو عين الحقيقة الحقّة القيّوميّة في علمه ، سبحانه ، بذاته وبما عدا ذاته مطلقا ، وأمر زائد على الماهيّات الجائزة والحقائق المجعولة على الإطلاق ، لكنّه نفس وجودات الجواهر العاقلة القائمة بأنفسها ، لا بمادّة في عقلها لذواتها.