إيقاضات
الإيقاظ الأوّل
(خيرات نظام الوجود والشرور)
خيرات نظام الوجود وكمالاته ، الفرائض والنوافل بأسرها ، من الذوات والصفات والأخلاق والملكات والأفعال والأعمال ، إنّما انبعاثها بالذّات من إرادة الله الحقّة الواجبة ورحمته الفيّاضة الواسعة وخيريّته المحضة التامّة ووهّابيّته الفعّالة الدّائمة وإن كان فيضانها من فيض جوده العظيم بمقدار استعدادات الموادّ وعلى مبلغ استحقاقات الماهيّات. فأمّا الشرور والآلام والنقائص والآثام فمن تلقاء سوء الاستعدادات ونقص الاستحقاقات وتزاحمات أرهاط الهيولانيّات وتصادمات سكّان سواد عالم الظلمات ، لا من بخل من المفيض وضنانة من الجائد أو عجز في القدرة وقصور في الإفاضة ، تعالى جناب الفيّاض الحقّ عن ذلك كلّه علوّا كبيرا. ومن هناك قوله الكريم في تنزيله الحكيم : «ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيّئة فمن نفسك».
فلان أوهمك موهم : أنّ الاستعداد والاستحقاق أيضا موجده ومفيضه هو الله سبحانه ، إذ ما من شيء إلّا وهو من صنعه وإبداعه وتكوينه واختراعه. ولا في أقاليم قوام التقرّر وعوالم نظام الوجود إلّا صنائع جوده وقدرته وآثار فيضه ورحمته ؛ وهو فعّال التقرّر وخلّاق الوجود على الإطلاق. فما السبب في اختلاف الاستعدادات؟ وما مغزى قولكم : «الحقّ الأوّل يهب لكلّ شيء ما يستأهله باستحقاقه ويعطى كلّ مادّة ما يليق باستعدادها» ، وهو الجواد المطلق الذي لا يتوقف سيب جوده إلّا على استعداد القابل ، ولا ينتظر فيض رحمته إلّا ورود المستحقّ.
فاستدفع كيد الوهم عن عقلك واستكسح شوك الشّكّ عن صدرك ، بما نتلوه على سمع قلبك ، ونلقيه إلى اذن فؤادك ، بإذن الله ، سبحانه. وهو أنّ خصوصيّات