الاستعدادات والاستحقاقات لخصوصيّات الموادّ والماهيّات ولازم الماهيّة بحقيقته التصوريّة مجعول صنع الجاعل الحقّ كسائر الجائزات ، وبحصوله الرابطىّ الذي هو مفاد الهيئة العقديّة من حيث النسبة الارتباطيّة معلول نفس الماهيّة ومقتضاها : بل إنّ لازم الماهيّة مطلقا إنّما هو المحكىّ عنه بالهيئة التأليفيّة من النسبة العقديّة ، ككون الأربعة زوجا ، وكون المثلّث ذا الزوايا مثلا. فكلّ واحدة من حاشيتى اللزوم من حيث حقيقتها التصوريّة مجعولة الجاعل الفياض.
وأمّا مفاد الهيئة العقديّة اللازم حقيقة بما هو كذلك ، فمستند إلى خصوصيّة ذات الملزوم الذي هو بجوهر ذاته ، وأنّ كلّا من هيوليات الأفلاك ملزوم استعداد خاصّ جزئيّ يتأبّى جوهر ذات الملزوم بحقيقته النوعيّة الانسلاخ عنه.
فأمّا هيولى عالم الأسطقسات ، فلها بخصوصيّة ذاتها القوّة الاستعداديّة المطلقة. ولها حركة في الكيفيّة الاستعداديّة ، كما للأفلاك حركة وضعيّة في أجرامها ، وحركة كيفيّة إشراقيّة وشوقيّة في نفوسها العاقلة. والحركة الاستعداديّة الأسطقسيّة مترتّبة على الحركة الدوريّة الفلكيّة في الأوضاع ، وهي على الحركة النفسانيّة المذكورة في الأشواق والإشراقات. وكلّ من تلك الحركات الثلاث حركة وحدانيّة متصلة. مهما اعتبرت بوحدانيّتها كان الترتّب بينها على هذا السبيل. ثمّ إذا اعتراها التحليل وانقرضت فيها الأجزاء كان كلّ جزء عاقب مترتّبا على الجزء الدراج ، وكان يتعاكس الترتّب بين أجزاء حركتى الفلك الجرمانيّة والنفسانيّة من الجنبتين ، ولكن لا على الوجه الدائر ، بل على نمط محصّل ، قد بسطنا القول فيه في «خلسة الملكوت».
فإذن إن سئلنا عن سبب الاستعداد الكلّىّ المطلق والحركة الوحدانيّة الاستعداديّة المتصلة ، كان الجواب أنّ ذلك من لوازم الذات بالنسبة إلى المادّة الأسطقسيّة وماهيّة تلك المادّة بجوهرها مخصّصة لتلك الحركة الوحدانيّة المستمرّة الاتصال. وإن عطف اللحظ إلى الاستعدادات الجزئيّة والأبعاض الانفراضيّة في تلك الحركة الاستعداديّة ، قيل : كلّ استعداد جزئيّ لاحق متعيّن بالفرض ، فإنّه يترتّب على جملة ما يسبقه من الحركات المتصلة والامكانات الاستعداديّة التي فيها الحركة ويتمادى الأمر في ذلك على سبيل اللّانهاية اللّايقفيّة ،