مكان ، والوجوب السّابق بالنّسبة إلى اللّواحق بحسب الوجود من حيّز السّبق بالماهيّة. فحال الشّيء بحسب جوهر ذاته أقدم ممّا يلحقه بغيره وما عروضه لمرتبة الذّات ممّا لحوقه في مرتبة متأخّرة.
إيماض
(٣ ـ الحقيقة الإمكانيّة حيّز القوّة المحضة)
هل بلغك ما بيّنا في «الافق المبين» : أنّ الإمكان اعتبار سلبىّ في نفس الماهيّة المتقرّرة ، فهو بالقوّة أشبه منه بالعدم (١) ، وحقيقته سلب بسيط (٢) لضرورة طرفي تقرّر الذّات المتقرّرة ولا تقرّرها بحسب نفس جوهر الذّات ، لا إيجاب لذلك السّلب ، فهو يصدق في مرتبة الذّات بما (٣) هي هي. ومطابق الحكم ومصداقه ليس حيثيّة نفس
__________________
(١) قوله : «ومطابق الحكم ومصداقه ليس. الخ» وهذا سرّ قول شريكنا السالف «الشيخ الرئيس أبى على بن سينا» ومن في طبقته ، من شركائنا السالفين ، فلو سئل «هل الإنسان من حيث هو إنسان ، واحد أو كثير» مثلا كان الجواب السلب لكل شيء على أن يكون حرف السلب قبل «من حيث» لا بعد «من حيث».
وبيانه : أنه لو اخّر السّلب عن الحيثية كان مفاد العقد أنّ سلب العارض عن جوهر ذات الموضوع من حيث نفس الذّات على أنّ مطابق السّلب ومصداقه نفس حيثيّة الذّات ، وهو صحيح ، إذ السلب أمر وراء جوهر الذّات وكلّ ما ليس نفس الذّات ولا من جوهرياتها. فإنّ مطابقه ومصداقه لا يكون نفس حيثيّة الذّات بتة فإنّما مصداق سلب العارض هو أنّ العارض المسلوب غير جوهر الذّات وغير جوهرياتها لا نفس جوهر الذّات بما هي هي.
وأما إذا اخّرت الحيثية كان السّلب واردا على الثبوت من تلك الحيثية ، فكان العقد إنّما يفيد سلب العارض عن نفس الذّات المحيّثة بنفسها لا غير وهو صحيح.
فأما ما دار على ألسنة أقشاب المقلدين ، من أنّ تقديم الحيثية موهم للإيجاب العدولىّ فمن فاسد القول ، إذ مناط السّلب والعدول ليس إلّا تقديم كلمة «ليس» على الرابطة وتأخيرها عنها لا التقديم على الحيثية والتأخير عنها ، والكلام في التأخير عن الحيثية مع التقديم على الرابطة ، فلا مساغ لإيهام الإيجاب أصلا. فإذن ، يصدق الإمكان في مرتبة الذّات ، ومصداقه كون الضرورة المسلوبة غير داخلة في قوام جوهر الذّات وغير مقتضاة للذات ، فتعرف وكن من المتبصّرين (منه دام ظله).
(٢) قوله : «وحقيقته سلب بسيط» اى : لا تساوي الطّرفين ، ولا السّلب العدولىّ ، ولا ايجاب نفس السّلب على ما هو شأن الموجب السالب المحمول (منه دام ظله).
(٣) قوله : «فهو بالقوّة أشبه ، الخ» الإمكان الذّاتي سلب طرفي الذّات المتقرّرة بلحاظ نفس جوهر الذّات حين هي متقررة بافاضة الجاعل والعدم مطلقا انتفاء الذّات أو انتفاء الوصف ولو بانتفاء الذّات فهو ليس بعدم بل هلاك للحقيقة المتقرّرة حين التقرّر كالقوة ، فإنّها تكون للمادّة الموجودة بالقياس إلى ما ليس لها ولها أنّ يلحقها ولا هو أيضا بقوة حقيقيّة ، إذ القوّة إنّما هي للذات بالإضافة إلى ما وراء جوهرها ممّا يصحّ أنّ يلحقها وهو قوّة الذّات بالقياس إلى نفس جوهرها. فهو بالقوّة أشبه منه بالعدم. ولو عدّ قسما من القوّة مخالف ـ