إيماض
(٤ ـ المعلول له مرتبة القوّة والفعليّة)
فإذن ، ما مع مرتبة ذات العلّة المتقدّمة هي ذات المعلول بما هي هالكة ، أي : هي بما هي هي ، وما متأخّر عنها تأخّرا ذاتيّا ومعها معيّة زمانيّة أو دهريّة هي ذاته بما لها الفعليّة، فكلّ موجود عن غيره لو انفرد لا يكون له وجود ، لا به معنى العدول البتّة ، بل به معنى السّلب.
فالانفراد بحسب لحاظ العقل : إما بأن يلحظ عدم الغير ، فيكون له أيضا بذلك الاعتبار العدم بتّة أو بأن يكون الملحوظ هو بما هو هو مع عدم اعتبار الانفراد واللّاانفراد أصلا. فيقتضى ذلك تجريده عن الوجود والعدم وعن استحقاقهما جميعا ، فكما يصدق لا استحقاق الوجود بحسب ذلك الاعتبار يصدق اللّاوجود بمعنى السّلب البسيط بتّة. وأما بحسب الخارج فلا يتصوّر الانفراد إلّا بعدم الغير ، ولا يكون له بحسب ذلك إلّا استحقاق العدم بخصوصه.
إيماض
(٥ ـ الحدوث تدريجيّ ودفعيّ وزمانيّ)
الحدوث الزّمانيّ [١٥ ظ] بيّن الثبوت بمشاهدة الحوادث الكونيّة في افق التّقضّي والتّجدّد من بعد لا كونها بعديّة زمانيّة. وأنواعه ثلاثة : «تدريجىّ» ، وهو وجود الشّيء بتمامه في زمان ما محدود من جهة البداية على سبيل الانطباق عليه ، ولا يوصف به
__________________
ـ سمعه أبدا. وكلّ معلول بلسان ماهيته يشهد بليسيّته ، «وعنت الوجوه ـ أي : الذوات ـ للحىّ القيّوم».
وعلى الثّاني يحتمل أن يعنى بوجه الشّيء جهة استناده إلى بارئه ، أي كلّ شيء هالك فى ذاته من كلّ وجه في الآزال والآباد إلّا من وجهه الّذي هو جهة استناده إلى جاعله. ويحتمل أنّ يقصد به من هو حقيقة الحقائق وذات الذوات ، الّذي هو مذوّت كلّ ذات ومصوّر كلّ صورة وفاعل كلّ حقيقة ، فيصير التفسير على هذا أيضا إلى الوجه الأول ، وإنّما التعبير عن ذاته سبحانه بوجه كلّ شيء ، لأنّ الوجه ، أول ما يظهر من الشّيء ، يواجه به ويناله الإدراك. والراسخون في العلم بعقولهم يدركون الجاعل الحقّ أولا ، فينتقلون منه إلى العلم بمراتب المجعولات على ما هو سنّة العقل في البراهين اللمية. فهم يستشهدون بالحقّ على الخلق ، لا بالخلق ، عليه : «ما رأيت شيئا إلّا ورأيت الله قبله» ، فهو الظاهر الحقّ والوجه المطلق ، منه البدء وبه البقاء ، وإليه المصير ، والله سبحانه أعلم بأسرار كلامه ورموز خطابه وبطون وحيه وحقائق تنزيله (منه أدام الله عمره).