العلة المعدّة ، وهي التي يلزم طباعها أن لا تجامع المعلول في أفق التقضّى والتجدّد الذي هو الزمان ، لا بدّ أن تستفيد منها مادّة المعلول استعدادا ما لقبول المعلول وحصوله بالفعل. وذلك الاستعداد أيضا ، بعيدا كان أو قريبا ، لمّا كان ممتنع الاجتماع مع المعلول المستعدّ له وممّا يتوقف عليه حصوله ، كان لا محالة من علله المعدّة. فكان بالضرورة موجبا لاستعداد آخر من بعده ، حكمه أيضا حكمه. فيلزم أن يكون بين كلّ استعداد من الاستعدادات وبين المعلول المستعدّ له استعدادات مترتبة متعاقبة الحصول إلى لا نهاية عدديّة بالفعل في جانب الأبد. وذلك أمر ليس يتصور فرضه ، حتى يحتاج في إحالته إلى برهان على خلاف الأمر في التسلسل التعاقبىّ في جانب الأزل. فإذن يلزم أن لا يوجد المعلول المستعدّ له أبدا. وهذا الشكّ أيضا ممّا سبيل حلّه في كتابنا «خلسة الملكوت» ، والحمد لولىّ الحمد كله.
الإعضال التاسع
(السلسلة الوجوديّة والعلة التامة)
لا محيص من لزوم سلسلة وجوديّة غير متناهيّة الآحاد من موجودات مترتبة مجتمعة الحصول متراقية في التّرتب والاجتماع إلى لا نهاية بالفعل لحصول كلّ معلول زمانىّ أو آنيّ. وذلك لأنه يجب أن لا تكون علّته التامة متحققة بجميع أجزائها قبله وإلا لكان المعلول متخلفا عن العلة التامّة في التحقق ، فكان لا محالة جزء ما من أجزاء العلة التامة ، وهو الجزء الأخير منها ، إنّما يدخل في الحصول حين حصول المعلول لا قبل. ولذلك الجزء أيضا علّة تامّة لا يدخل الجزء الأخير من أجزائها في التحقق إلّا عند تحقق ذلك الجزء لا محالة. وكذلك الأمر متراقيا إلى لا نهاية بالفعل.
فاذن يلزم تحقق أمور مترتبة الحصول معا إلى نهاية بالفعل عند وجود المعلول في الحصول بتّة.
فإمّا أنّها جميعا وجودات مترتبة ، فيلزم التسلسل المستحيل حين حصول المعلول. وإمّا أنها بأسرها عدمات وجودات مترتبة كانت متحققة قبل حصول المعلول فانقلبت عدمات حين حصوله ، فيلزم ذلك التسلسل قبل وجود المعلول. وإمّا أنّها متشابكة من وجودات وعدمات. فإما الوجودات غير متناهية والعدمات