الإعضال الخامس عشر
(حمل الجزئىّ على الجزئىّ وحمله على الكلّى)
قد تصحّح في كتابنا «الأفق المبين» وفاقا لشيخ الفلسفة أبى نصر محمّد بن محمّد بن طرخان الفارابى ، حمل الجزئىّ على الجزئىّ وحمل الجزئىّ على الكلّىّ. فإذا كانت جزئيّات عديدة متحدة في الوجود ، كهذا الإنسان وهذا الناطق وهذا الحيوان وهذا الضاحك وهذا الكاتب ، صحّ حمل هذا الناطق مثلا على سائر تلك الجزئيّات. فيكون لا محالة ذا وحدة مبهمة بالنسبة إليها. ويلزم من ذلك أن يكون الجزئىّ كليا. ولذلك لم يستصح الشيخ الرئيس في قاطيغورياس «الشفاء» حمل الجزئىّ ، كما مفيد الصّناعة للمشّاءين في «التعليم الأوّل».
ومثل هذا التعضيل معقود الورود على الرؤساء والمعلّمين جميعا ، حيث أطبقوا على الحكم بأنّ الحركة التوسّطية لمتحرك شخصىّ بعينه على مسافة شخصيّة بعينها أمر شخصىّ باق بهويّته الشخصيّة من مبدأ المسافة إلى منتهاها.
وذلك لأنّ كون المتحرك الشخصىّ متوسّطا بين مبدأ المسافة الشخصيّة ومنتهاها المتعيّنين المتشخّصين ، وهو حقيقة حركته الشخصيّة التوسّطيّة يحمل حملا صادقا على كلّ كون كون بعينه في حدّ حدّ بعينه من الحدود التوسّطية الممكنة الانفراض لا إلى نهاية بين الحدّين الطرفين. فيكون لا محالة ذا وحدة مبهمة بالقياس إلى تلك الأكوان الشخصيّة الوسطيّة ، فيكون كليا.
وفكاك رقبة الفلسفة عن أسر هذه العقدة في المقامين على ذمّة كتابنا «الأفق المبين» وغيره من كتبنا وصحفنا وفوائدنا ومعلقاتنا التي يسّر الله لنا بفضله وطوله ، والحمد لله ربّ العالمين ، إزاء لعزّه ومجده وجوده ومنّه.
الإعضال السّادس عشر
(تقسيم الحكم إلى الأحكام الخمسة)
قد اتفقت الفقهاء والأصوليّون على تقسيم الحكم إلى الأحكام الخمسة المشهورة وحصره فيها. وهناك شكّ معضل. وذلك أنّه إنّما يعنى بالحكم الحكم الصريحىّ أو الأعمّ من الصريحىّ والضمنىّ.