المصنوعات. فهذا كنه الحكمة وهو طبخ الفلسفة. والحمد لله ربّ العالمين.
فإذن الأوّل الحقّ ، تعالى مجده ، قبل جملة ما بعد ذاته في الوجود قبليّة غير متكمّمة. وهذه لقبليّة اللّامتكمّمة غير متبدّلة النسبة إلى الأبديّات والزّمانيّات أصلا ، بل هي بالقياس إلى ما في عوالم الجواز من أوّل الوجود إلى ساقته على شأن واحد. فكما أنّه ، تعاظم عزّه ، قبل الكائنات ، أى الحوادث الزّمنيّة والأشباح الكونيّة في الوجود قبليّة غير متكمّمة ، فكذلك هو قبل المبدعات أى المفارقات الأبديّة والأرواح القدسيّة ذلك النحو من القبليّة وراء القبليّة وراء القبليّة الذاتيّة الّتي هي بحسب مرتبة الذات ، وأنّ من توخّى الفلسفة واستحصلها واستحصفها ثمّ لم يكتنه غور هذه المسألة فلقد باع صريح عقله بثمن بخس وشراه بدراهم زائفة.
ترشيح
(٢ ـ الحركة التوسطيّة وعروضها للوجود)
ثمّ هناك مسلك للتبيان من سبيل الحركة ، أليس يرتاب في أنّ كلّ ما يتلبّس بالحركة بالفعل ، يعرضه ، لا محالة في الوجود ، ما دام متلبّسا بها ، شخصيّة بسيطة غير منقسمة ، هي التّوسّط بين مبدأ المسافة ومنتهاها ، المعبّر عنه بالحركة التّوسّطيّة ، وهي مستقرّة الذات الشّخصيّة ما دامت الحركة غير مستمرّة النّسبة إلى الحدود الممكنة الانفراض في المسافة بالموافاة ، ولا يعقل انطباقها على شيء من المقادير الّتي هي تلك الحدود أصلا ، بل هى أبدا في كلّ آن من الآنات المفروضة في زمان الحركة على حدّ من تلك الحدود بتّة.
فإذن ليس يصحّ للمتحرّك بحسب ماله الحركة التّوسّطيّة موافاة مقدار ما هو بين حدّين من تلك الحدود المفروضة ، بل إنّما له من تلك الجهة في كلّ آن بخصوصه موافاة حدّ بخصوصه لا غير. فلو لم يكن له في الوجود إلّا الحركة التّوسّطيّة لم يكن له بحسب الوجود إلّا موافاة الحدود من دون موافاة شيء من المقادير الّتي هي بينها. فيكون لا محالة يطفر ما دام متحرّكا طفرات لا إلى نهاية على حسب المقادير المنفرضة بين تلك الحدود لا إلى نهاية ، ليتصحّح له موافاة تلك الحدود ، فيكون يطفر عن جملة المقادير ويوافي جملة الحدود. فهذه هي الطّفرة الحقيقيّة ، وإن هي إلّا أكبر فاحشة من الطّفرة