لعلّ هذه الأصول مهما استتقنتها تنبّهك على حلّ العقدة في عدّة شكوك وإعضالات مستصعبة. منها : شكّ الحركة في إثبات جزء لا يتجزّى. ومنها : التّشكيكات في وجود الحركة القطعيّة. ومنها : إعضال طلوع نصف منطقة البروج مع نقطة من معدّل النّهار في افق يساوى عرضه تمام الميل الأعظم ، مع أنّه لا يكون إلّا بالحركة. ومنها : إعضال طفرة الزّاوية ببلوغ المنفرجة قبل القائمة. ومنها : إعضال الدّحرجة. ومنها : إعضال المسامتة في برهان تناهي الأبعاد. ومنها : شكّ زوال انطباق السّطحين دفعة في إثبات الخلأ. وفي مباحث غامضة تعضيلات عويصة يستعان في فكّها بتلك الاصول.
إيماض
(١٢ ـ الحدوث الزّمانيّ والحدوث الدّهريّ)
كأنّه قد آن لك أن تشعر أنّ الحدوث الزّمانيّ ليس بما هو حدوث زمانيّ مبدأ استيجاب سبق العدم بحسب الواقع. أليس مفهومه اختصاص الوجود بزمان ما أو آن ما. وذلك ليس يصادم الوجود في الدّهر والواقع ، بل أخصّ منه حملا وتحقّقا. فإنّما العدم في الدّهر ببطلان التّقرّر مطلقا في أيّ وعاء فرض ، لا باختصاصه ببعض الأزمنة. إذ من المستبين أنّ التّقرّر المختصّ بشيء من الأزمنة تقرّر في الواقع وإن اتّفق أن [١٦ ظ] وقع في ذلك الزّمان بخصوصه ، فليس يتصوّر اختصاص الدّهر والواقع بزمان دون زمان ، أو بجملة الأزمنة ، على ما تعرّفت من قبل ، فاختصاص الوجود بزمان إنّما في طباعه استيجاب العدم في سائر الأزمنة غير زمان الوجود ، وهو أعمّ من العدم في الدّهر والواقع.
فإذن لو لم يكن للحادث الزّمانيّ حدوث دهريّ أيضا ، لم يكن حادثا بحسب الواقع ، بل كان سرمديّ التقرّر في وعاء الدّهر وإن كان ذلك بوجوده في زمان ما بخصوصه ، كما أنّ العدم الطارئ على المنجّز الوجود في افق الزّمان متأخر عن الوجود بالزّمان ومتخصّص بالزّمان الّذي بعد زمان الوجود ، وليس يصادم ذلك أزليّته بحسب الواقع وفي وعاء الدّهر بما هو عدم وانتفاء.
ولعلّ من الفطريّات : أنّ الحوادث الزّمانيّة إنّما تكون بعد أن لم تكن