تقوّلوهما على إمام الفلسفة أفلاطون الإلهيّ.
ثمّ لو عزل النّظر عن كون العدم غير معقول الامتداد إلّا عن جهة الزّمان ، أفلم يكونوا فاقهين أنّ الأنوار المفارقة العقليّة متنزّهة الذات والوجود عن الاستمرار السّيّال المكمّم الزّمانىّ ومقابله ، فكيف جناب النّور الحقّ جلّ ذكره ، وبالجملة المتكلّفون لما لا يعنيهم يقحمون القحم ويركّمون الظلم.
فأمّا الملكوتيّون الرّبيّون ، وأولئك هم الحكماء القدّيسون حقّا ، فليس يستطيع سلطان الوهم وتسخير الطبيعة أن يضطرّهم إلى سجون التّشكيك ومضائق التّعويص أبدا.
فلذلك ما إن ترى رئيس مشّائيّة الإسلام يسير هناك على المجادلة. ألم تسمعه يعترف في كتبه ، كالشفاء والنجاة والتعليقات : أنّ ما يقام في المحاجّة على قدم العالم من الحجج شبه جدليّة ، إنّما عقدها وسوقها على قانون الجدل وعلى أوضاع المتكلّفين ؛ وأنّ من يفقه سبق الأوّل الحقّ على الثّوانى ـ سبقا مطلقا في متن الأعيان وكبد الواقع بحسب نفس ذات المتأخّر فى كبد الأعيان بعد ذات المتقدّم بعديّة صريحة ، لا تقدّما مكمّما ، وسبقا سيّالا ، لا بحسب أمر ما ثالث مارّ بهما في الوهم يتحصّصان بحدّين منه هو الامتداد الغير القارّ ، ولا محالة ليس إلّا ما نحن نسمّيه الزّمان ، وإن كان المتكلّفون يظنّون أنّه وعاء الزّمان ـ فإنّه في متندح عن ذلك كله ، وإنّه من روح الحقّ في مقام رحب.
وأمّا ما اعتمله ابن غيلان «أنّ معنى حدث العالم بعد عدم ممتدّ ، لا عن بداية امتداد ذلك العدم ، بقياسه إلى وجود الأوّل الحقّ سبحانه ، لا امتداده بحسب نفسه» ، فقد دريت أنّه من سخيف الاعتمال. أليس لا يعقل ذلك إلّا في ما يقارن ذاته ووجوده كمّية غير قارّة الثّبات. والمفارقات العقليّة في تنزيه إلّا عن الثّبات الصّرف. فما ظنّك بربّ الأرباب ونور الأنوار ، جلّ ذكره وعزّ مجده.
وهم وتحصيل
(١١ ـ العدم المستمرّ والفضاء الممتدّ والجرم الأقصى)
أو لعلّك تقول : ما بال الفلك الأقصى ليس يأبى زيادته أو تزيّده بحسب المقدار على ما