أسبغها يتعيّن الكلّ بخصوصيّة الكليّة وبشخصيّته الجمليّة لا محالة بالصّدور والفيضان عنه ، فيجعل النّظام الجملىّ برحمته ويفعله ويفيضه من البدء إلى السّاقة بجوده وحكمته. فسبحان الواسع العليم الخلّاق الحكيم ، بيده ملكوت كلّ شيء ، وإليه رجوع كلّ شيء ، وهو بكلّ شيء بصير.
شكّ وتحقيق
(٤ ـ الزمان والحركة والبحث فيهما)
إنّ لرهط من هؤلاء المتهوّسة الذين كادوا يطئون أرض الإشراك ، ومنهم رئيس مشّائية الإسلام في كتاب «المبدأ والمعاد» ، (ص ٤٥) سبيلا في التّشكيك ، «هو أنّ الإن إنّما يوجد بوجود الطرف ، لا يكون يدخل في الوجود إلّا وما هو طرف له داخل في الوجود لا محالة ، لأنّ أحد المتضائفين إذا وجد بالفعل فيجب أن يكون الآخر قد وجد لا محالة. ومن البيّن أنّ الآن وجوده الطرف ، وكذلك نهايات المقادير جميعا. وليس يكون شيء ممّا الآن طرف له موجود إلّا الزّمان الماضى ، إذ المستقبل لم يوجد بعد.
فإذن إنّما ذو الآن الطرف في جهة النّهاية هو الزّمان الماضى لا غير ، وليس هو مفصول الاتصال في جهة البداية بآن أصلا. ولا يشبه الآن النّقطة في أنّها قد تفصل ، إذ يكون ما هي طرف له وهي فاصلة موجودا ، بخلاف ما الآن طرف له وهو مستقبل.
وأمّا الحركة ، فإنّها وإن انفصلت بطرف لا يتصل بحركة قبلها فالسبب في ذلك : أنّ الحركة ليست بذاتها كما ، بل هي متكمّمة إمّا بالمسافة وإمّا بالزّمان ، وفطرفها في تكمّمها إمّا من الزّمان فيكون هو بالذات طرفا للزّمان الماضى وقد صحّ به وجوده ، وإمّا من المكان فيكون طرفا للمسافة الصّحيحة الوجود. وبعد هذا فإنّ مبدأ الحركة من أحد الأمرين هو نهاية السكون.»
فإذن ، قد تمّ أنّ الزّمان لا يكون حادثا ، وكذلك الحركة التي هي محلّها ، وكلّ آن فإنّه لا محالة بعد قبل وقبل بعد ، فهو حدّ مشترك بين أمرين يلزمه كلاهما دائما.
فهذا مرقاة بذل مجهودهم في التّغليظ والتّعضيل ، وذلك مبلغهم من العلم وميقات عقولهم من التّحصيل في هذه المسألة. والفحص البالغ يحقق ويقضى أنّه إن ريم أنّ المستقبل لم يوجد في الآن الطرف ، فكذلك الماضى لم يوجد ولا يعقل أن