الهالك الفائض منه داخلان في الوجود.
فإذا كان الحادث داخلا في الوجود بعد لا دخوله فيه ، والأوّل الحقّ يتعالى عن ذلك علوّا كبيرا ، إذ هو صرف الوجود السّرمديّ ، كان لا محالة متأخّرا عنه بالوجود في الأعيان. وحيث إنّه ، سبحانه وتعالى ، يتقدّس عن الدّخول في الزّمان والمكان ، ليس وقوع الشّيء في زمان ما أو مكان ما مناط تأخّره عنه ، سبحانه ، أصلا. فإذن ، لو لم يكن الحادث الزّمانيّ حادثا دهريّا أيضا ، لم يكن في الوجود متأخّرا عنه ، تعالى بتّة ، وذلك خلف باطل. فإذن ، قد استقرّ ثبوت الحدوث الدّهريّ واقترّ مقرّه.
تتمّة
(١٥ ـ الكائن والمبدع وحدوثهما)
تواطأت الفلاسفة على الفرق بين الكائن والمبدع ، بأنّ المبدع إنّما يتأخّر عن ذات المبدع الحقّ في لحاظ العقل تأخّرا بالذّات ، لا غير ، والكائن يتأخّر عنه في الأعيان بالوجود بعد وجوده بعديّة يتخلّف بحسبها البعد عن [١٧ ظ] القبل في الأعيان. وقد أدريناك : أنّ الحدوث الزّمانيّ ليس يوجب التّخلّف في الوجود إلّا عن متزمّن آخر ، لا عمّن يرتفع عن افق الزّمان والمكان.
فإذن ، لو كان الكائن حادثا زمانيّا فحسب ، لا دهريّا أيضا ، لم يكن ينفصل في ذلك الحكم عن المبدع ، بل إنّما يكون تأخّره كالمبدع عن نفس ذات الجاعل الحقّ في لحاظ العقل تأخّرا بالذّات فقط ، لا عن وجوده في الأعيان ، من جهة التّخلّف ؛ وتقدّمه ، جلّ ذكره ، عليه ، كعلى المبدع ، تقدّما بالذّات مع المعيّة في الوجود لا غير. وفي ذلك فوق بطلانه في نفسه شقّ عصاهم وخرق إجماعهم.
استشراق
(١٦ ـ جود المفيض الحقّ والماهيّة الجوازيّة)
ثمّ أو ليست الماهيّة الغريزة الخيريّة المتقرّرة في متن الأعيان ولكن إنّما بعد البطلان الباتّ والعدم الصريح ضربا نابها من الخيرات الإمكانيّة ومرتبة نبيهة من الحقائق الجوازيّة؟ فكيف يستسوغ العقل أن يهملها جود المفيض الحقّ ويذر عنها صفرا