خلسة ملكوتيّة
(٦ ـ أنواع اللزوم والتلازم بين اللازم والملزوم)
لا يحتجبنّ من خبرك أنّ لزوم شيء لشيء ربما يكون بحسب نفس خصوصيّتى الحاشيتين بذاتيهما ، كما لزوم الزّوجيّة للأربعة ؛ وربما يكون لا بحسب نفس جوهرى الحاشيتين ، بل على تباعة لزوم آخر متوسّط ومن حيث سطة لازم آخر متأصّل ، كما لزوم الزّوجيّة للأربعة لها ، فإنّه ليس من تلقاء ذوات الأربعة نفسها ، بل من تلقاء امتناع افتراقها عن الزّوجيّة واستلزام ذلك امتناع الافتراق عن لزومها أيضا ، حتّى لو وسعت منّتها احتفاظ لزوم الزّوجيّة مع إمكان الافتراق عن لزوم اللزوم كانت ، ذاتها في منتدح عن اقتضاء لزوم اللّزوم. وكذلك الأمر في لزوم لزوم اللزوم ولزوم لزوم لزوم اللّزوم ، وهلمّ جرّا ، لا إلى نهاية ، فإنّ القول فيها مصبوب في هذا القالب.
ثمّ اعملنّ أنّ التّلازم الأصيل بين الملزوم ولازمه الأولىّ المتأصّل ملزوم التّلازم بين نقيضيهما على الانعكاس لا محالة. وأمّا التّلازم التّباعىّ بالقياس إلى اللّازم على التّباعة في الدّرجة الأخيرة ، فربّما لا يقتضي الانعكاس بين النّقيضين ، وذلك إذا كان نقيض اللازم برفع أصل التّلازم المتأصّل بين العينين.
أليس إنّما انعكاس التّلازم بين النّقيضين على تقدير بقاء التّلازم بين العينين ، فتلازم الأربعة ولزوم الزّوجيّة لها مثلا ليس يقتضي التلازم بين نقيضيهما ، كما تلازم الأربعة والزّوجيّة يقضى ذلك ، إذ نقيض اللّازم ، وهو عدم لزوم الزّوجيّة للأربعة ، في قوّة بطلان أصل الملازمة بين الأربعة والزّوجيّة. فلا محالة تبطل الملازمة الأولى المتأصّلة ، فليس ينحفظ نقيض اللّازم نقيضا للازم ، ولا نقيض الملزوم نقيضا للملزوم حتّى يستحقّ بينهما تلازمه.
فإذن قد استبان أنّ عدم لزوم الزّوجيّة للأربعة ، ليس يستوجب عدم الأربعة ؛ بخلاف عدم الزّوجيّة ، فإنّه يستوجب عدم الأربعة بتّة.
تنوير
(٧ ـ معنى ملزوم الزّوجيّة ونسبته لنفس الأربعة مثلا)