أن يعتريها ذلك الوصف هويّة جوازيّة غير ضروريّة التقرّر واللّاتقرّر ، وذلك ، فحسب ، مناط التّعلّق بالعلّة ، فتكون بما هي تلك صادرة عن علّتها. وليس يكتنفها الحدوث ولا يتعلّق هويّة واحدة إلّا بعلّة واحدة بعينها ، لا غير أصلا. فإذا تحقّقت تحقّقت غير مخلوطة بالحدوث ، بل دائمة التقرّر ، لانتفاء الواسطة. ثمّ الحدوث يلحقها بعلّة أخرى ، وهو متهافت. أم هي بحسب نفسها ضروريّة أحد الطرفين ، وإنّما جوازها بحسب الاتّصاف بذلك الوصف ، فلا يصحّ إسناد نفس ذاتها إلى العلّة في فعليّة أحد الطّرفين ، بل إنّما في حصول الوصف فقط ، فتكون واجبة الوجود أو العدم بذاتها واقعة بعد العدم بعلّة ، وهو فاسد.
ثمّ إنّها بحسب ذاتها جائزة الانسلاخ عن الوصف في نفس الأمر ، وهي بعينها. فيصحّ أن تدوم متسرمدة بنفسها ، ثمّ يلحقها الحدوث بعلّة فيعود التّهافت أيضا. وأيضا من المستبين أنه لو تسرمد المحدث لم يكن وجوده الأزليّ هو بعينه هذا الكائن بعد العدم. فإذن قد امتنع بالنّظر إلى هذا الوجود بعينه إلّا أن يكون بعد العدم ، فكان هذا الوصف له بنفسه لا بعلّة ، وإنّما من تلقاء العلّة نفسه ، لا حصول (ثبوت ، ل) هذا الوصف له. فإذن قد انصرح أنّ صنع الفاعل نفس الذّات ، ثمّ هي بنفسها موصوفة بهذا الوصف ، كما [١٨ ظ] الجسم بالقياس إلى لزوم الانقطاع.
وزور أن يقال : إنّ شيئا ما جعل الذّات بحيث لا يتجوهر إلّا بعد البطلان ، فهذا غير مقدور عليه ، لأنّه واجب بالضّرورة الذّاتيّة. ولو كانت الحوادث تامّة القوّة على قبول التأيّس دائما ، لفاضت عن فاعلها على الدّوام ، لكنّ التّقرّر لا بعد البطلان ممتنع بالقياس إلى استحقاق جوهرها بتّة. وهذا الأصل مستغرق الشّمول لأنحاء الحدوث الزّمانيّ والدّهريّ والذّاتيّ جميعا.
والغاغة من الجماهير يخالفون أبناء الحقيقة ويسندون الاتّصاف بوصف الحدوث أيضا إلى علّة الذّات المحدثة ، لا إلى اقتضاء نفس الذّات ، وإنّ ذلك لمّا قد عضّل الأمر عليهم في حدوث العالم ، بل حدوث شيء ما منه ، أيّ شيء كان.
إيماض
(١٩ ـ الحادث متعلّق بالعلّة حدوثا وبقاء)