[مقدمة]
وبعد ، فأحوج الخلق إلى [٦ ب] الربّ الغنىّ ، محمد بن محمد المدعوّ بباقر داماد الحسينىّ، يلقى إليكم إخوان التجريد ويملى عليكم خلّان التفريد : إنّه قد طال اقتراحكم ، معاشر المتعلّمين ، في استكشاف معضلة «ارتباط الحادث بالقديم» وتسهيل عويصاتها بالفكر القويم ، على طريقتى الفلسفة اليونانيّة والحكمة اليمانيّة ، وتحقيق كلام الملّيين والذّبّ عنهم على أحكم تحرير وأقوم تبيين ، ظانّين أنّى أنا ابن بجدتها والكافل بإشباع القوّة النظريّة في رسلها ونجدتها. وإنّه لدىّ يعرّف (٧ ظ) بدخلة الأسرار وعلى يديّ تصرّف ناخلة الأفكار، إذ نهوض مواكب الحقائق الحكميّة يرصد عندى بتكارير الأرصاد العقلانيّة ، وفيوض خواطف البوارق الإلهيّة تتصل إلى بخلسات تتفق في تضاعيف الأسفار الرّوحانيّة ، لأنّى ، على ما قيل :
إذا ما بدت ليلى فكلّى أعين |
|
وإن هى ناجتنى فكلّى مسامع |
تجافت جنوبى في الهوى عن مضاجعى |
|
إلى أن جفتنى في هواها المضاجع |
فمسك حديثى في هواها لأهله |
|
يضوع وفي سمع الخليّين ضائع [٧ ب] |
وما ربّك على الغيب بضنين ، |
|
ولا فيضه عن القابل بمتراخ إلى حين |
فأستعفيت عنكم عشيرتى بالتّأخير ، وأتيتكم رهط طلّاب الحكمة بالمعاذير ، علما منّى بأنّ المطلب لعلى غموضة تعمش فيها أبصار العقول وتدهش فيها بصائر الفحول ، دارت على ذكره الكئوس الرّءوس وسكرت به ، وهمجت له العيون ونفهت له النّفوس. ومع أنّه أحد أقطاب الإسلام الّتي يدور عليها رحى الدّين لم يأت أحد فيه بما يقنص شارد اليقين ، لم ير الرّاءون ولم يرو الرّاوون عن أحد من الأواخر والأوائل في مداحض (٨ ظ) غوامضه استقصاء إلّا كسراب بقيعة يحسبه الظّمآن ماء.
هذا مع ما أنا فيه ، من تراكم الفتن وتزاحم المحن وانقراض الأحبّاء وانخفاض الألبّاء ، على فترة من أولياء العلم وتناهيهم ، واعترام من دهيماء الكربة ودواهيها. فلقد أصبح قلب الفضل مثقوبا ، وأمسى عيش الخلق مجبوبا. فالله ، الله ، من زمان منينا به ، عظم فيه البلاء وبرح الخفاء وضاقت الأرض ومنعت السّماء ،
تولّى زمان لعبنا به |
|
وهذا زمان بنا يلعب |