جحيمها وزقّومها متابعة الأشغال الجسمانيّة ومعانقة القوى الدّاثرة الحسّانيّة».
وقال فيها أيضا : فكّ رقبة النّفس عن أسر الوهم بالعلم أهون منه بالعمل ورفع غلّ الوهم عن الإنسان يتيسّر بالعلم أسرع ممّا يتيسّر بالعمل ، لأنّ العمل ممّا يقبل الحركة ، وقابل الحركة لا يكون معاده ومرجعه إلّا إلى المحسوسات. وأمّا العلم فإنّه قوّة الرّوح ولا يسير إلّا إلى المعقول. كما قال سيّد الكائنات عليهالسلام : «قليل العلم خير من كثير العمل» ، وقال : «نيّة المؤمن خير من عمله» ، وقال أمير المؤمنين [١٥ ظ] على بن أبى طالب عليهالسلام : «قيمة كلّ امرئ ما يحسنه» ، يعنى قدر الإنسان في العلم.» انتهت عبارته مترجمة. («معراج نامه» ، ص ٩٤).
إيقاظ عقلىّ
معانقة حبيب العلم ومشاهدة نور الحقّ عنك بمراحل لا تتناهى ، وأنت من داثر بدنك في قرية الهيولى الظّالم أهلها. اذكر الله وتذكّر قول سيّدنا ونبيّنا وهادينا ، عليه وآله الصّلاة والسّلام : «أعدى عداك نفسك الّتي بين جنبيك» ، وأهمل جهة الجسم واهتد.
قال أرسطوطاليس في كتابه («أثولوجيا» ، ص ٢٢) ، أى الرّبوبيّة : «إنّى ربما خلوت [١٥ ب] بنفسى وخلعت بدنى جانبا وصرت كأنّى جوهر مجرّد بلا بدن ، فأكون داخلا في ذاتى راجعا إليها خارجا من سائر الأشياء ، فأرى في ذاتى من الحسن والبهاء ما أبقى له متعجبا باهتا ، فأعلم أنّى جزء من أجزاء العالم الشّريف الفاضل البهىّ ذو حياة فعّالة. فلمّا أيقنت بذلك رقيت بذهنى من ذلك العالم إلى العلّة الإلهيّة ، فصرت كأنّى موضوع فيها متعلق بها ، فأكون فوق العالم العقلىّ كلّه ، فأرى كأنّي واقف في ذلك الموقف الشريف الإلهيّ. فأرى هناك من النور والبهاء ما لا تقدر الألسن على صفته ولا تعيه الأسماع [١٦ ظ]. فإذا استغرقنى ذلك النّور والبهاء ولم أقو على احتماله هبطت من العقل إلى الفكر والرويّة. فإذا صرت في عالم الفكر حجبت الفكرة عنّى ذلك النور والبهاء ، فأبقى متعجّبا أنى كيف انحدرت من ذلك الموضع الشّامخ الإلهيّ ، وصرت في موضع الفكرة بعد أن قويت نفسى على تخلية بدنها والرّجوع إلى ذاتها والترقّى إلى العالم العقلىّ ثمّ إلى العالم الإلهيّ حتّى صرت في موضع البهاء والنّور الّذي هو علّة كلّ نور وبهاء. ومن العجب أنّى كيف رأيت