عليكم ، وكفى به شهيدا وكفى به وكيلا ، أن لا تبيحوا النّظر في مطالب كتابى هذا للجهلة أو المتفلسفة الّذين لا يوثق لهم بنقاء السّرّ وسلامة (٢٠ ب) الذّوق وعلوّ الهمّة وتوقّد الفطرة واستقامة الفطنة ؛ ولا للهمج الرّعاع من الّذين انصرفت همم نفوسهم عن صوب سلوك الطريقة العقليّة ودخول المدينة الرّوحانيّة وتطواف كعبة الملكوت مع الملأ الأعلى واستقبال شطر مسجد حرام الكمال ، وهو الوجهة الكبرى ، إلى تدبير مدن الأبدان المظلمة الفاسدة المستحيلة الهالكة واقتناء شهواتها وتحصيل آمالها ولذّاتها وتسليط النّاسوت على اللّاهوت وتصيير النّفوس أسارى الأجساد وعبيدها وجعل الأجساد آكلة للنفوس ، وحبل [٢١ ظ] الأسر في جيدها ، لا مخفّفة عنها أو زار الطبيعة ولا مذهبة ظلمها بأنوار الشّريعة، لا هم بمعزل عن تقيّة الموت ولا بمعزل عن محبّة الباطل ، لا نفوسهم صفّاحة للأحقاد ولا قلوبهم نسّاءة للأكياد ، فاهجروهم ، واصبروا صبرا جميلا ، ولا تعدّوا الضّانّ عليهم بخيلا ، فكلّ ميسّر لما خلق له ، وإلى الله مرجعهم جميعا.