فالتقدّم [٢٦ ظ] والقبليّة معنى لهذا الذّات ، ليس لذاته ، ولا ثابت مع ثبات ذاته. وذلك المعنى مستحيل فيه أن يبقى مع الحالة الأخرى استحالة لذاته ، ومستحيل فيه أن يصير مع ، ومعلوم أنّ هذا الوجود لا يثبت له عند وجود الآخر.
وأمّا الشيء الّذي له هذا المعنى والأمر ، فلا يستحيل ذلك فيه ، فإنّه تارة يوجد ، وهو قبل ، وتارة يوجد وهو مع ، وتارة يوجد وهو بعد وهو واحد بعينه. وأمّا نفس الشّيء الّذي هو قبل وبعد لذاته ، وإن كان بالقياس ، فلا يجوز أن يبقى هو بعينه ، فيكون بعدا ، بعد ما كان قبلا ، فإنّه ما جاء المعنى الّذي به الشّيء بعد إلّا بطل (٢٦ ب) ما هو به قبل والشيء ذو هذا الأمر هو باق مع بطلان الأمر القبل».
(«الشفاء» ، «السماع الطبيعى» ، ص ١٥٨) ، انتهى ما رمنا نقله ، لتقرير غامض المعنى. وإن كانت هذه السّياقة من الإطناب وراء طور الكتاب.
[٥] تبيان
ربما يتوافق المتحركان في ابتداء الحركة وانتهائها ويختلف مقطوع المسافة قلّة وكثرة ، إمّا لاختلاف السّرعة والبطء أو لتفاوت عدد السّكونات المتخلّلة كما يراه قوم ، أو في أحد الأمرين فقط ، وتساوى مقطوعا هما من المسافة لذلك أيضا ، أو فيهما وفي حدّ السّرعة والبطء جميعا ، فتتساوى [٢٧ ظ] المقطوعتان حينئذ.
وأيّا ما كان ، يكون من مبتدأ الحركة إلى منتهاها إمكان قطع المسافة بعينها بالحركة المعيّنة السّرعة والبطء أو المعيّنة التّركيب مع السّكون ، وإمكان قطع ما هي أطول أو أقصر بالأسرع ، والأقلّ مخالطة سكونات أو الأبطأ والأكثر مخالطة السكونات ، فبين المبتدأ والمنتهى إمكان محدود بالقياس إلى الحركة وإلى السرعة.
وإذا نصّفت المسافة والسّرعة بعينها والبطء بعينه ، حصل إمكانان متساويان ، كلّ منهما نصف الإمكان المفروض أوّلا فذلك الإمكان منقسم ، وكلّ منقسم (٢٧ ب) فمقدار أو ذو مقدار. فقد صحّ أنّه لا يعرى عن مقدار ما ، فهو إمّا مقدار المسافة ، فتعود المتساويات مسافة متساويات فيه. وليس كذلك ، أو مقدار المتحرك ، فيكون الأعظم أعظم فيه ، وهو منتف. ومن المعلوم أنّ الحركة ليست نفسها ذات هذا المقدار نفسه ، ولا السّرعة والبطء ذلك ، إذ الحركات تتفق في أنّها حركة وفي