ما هما للحركة معدودان بها ، فإنّها بأجزائها تعدّ المتقدّم والمؤخّر. فالحركة لها عدد من حيث لها في المسافة تقدّم وتأخّر ومقدار بإزاء مقدار المسافة. فما أيسر لك أن تعتبر الزّمان كميّة الحركة ومقدارها [٣٠ ظ] ما دامت على اتّصالها وعددها إذا انفصلت إلى متقدّم ومتأخّر لا بالزمان ، بل من جهة ما يتبع انقسام المسافة على ما هو المسلوك في «الشفاء». فلا تقع في التحديد الدّورىّ. وأمّا مسلك «الإشارات» ، وهو أن تعتبر كميّة وعددا لها ، لا من جهة المسافة ، بل من جهة التقدّم والتأخّر اللّذين لا يجتمعان. فربما يفضى بك إلى الوقوع في الدّور ، إلّا تمتطى تسامحا.
[٧] سياقة
الزّمان كم متّصل بالذات وبالعرض أيضا ومنفصل بالعرض ، أمّا الأوّل ، فلأنه في نفسه مقدار الحركة. وأمّا الثاني [٣٠ ب] فلأنّه يقدّر بالمقايسة إلى مسافة ما ، فيقال : زمان حركة فرسخ فيقدّر الزّمان بالفرسخ ، وهو مقدار خارج عنه ، فقد يكون الشيء في مقولة. ثمّ يعرض له شيء من تلك المقولة ، كالكيفيّة تعرض لها الكيفيّة ، والإضافة تعرض لها الإضافة. وأمّا الثالث ، فلما يعرض له من الانفصال إلى الساعات والأيّام وغير ذلك. وإنّما يعرض له ذلك بسبب التقدّم والتأخّر.
[٨] تلويح استفادىّ
أليست الحركة في ذاتها حقيقة هي كمال ما بالقوّة أو خروج من قوّة إلى فعل ، وليس في طبيعة هذا المعنى أنّ هناك بعدا ما بين [٣١ ظ] المبتدأ والمنتهى متصلا قابلا للقسمة الوهميّة ، بل إنّما يعلم ذلك بنوع من النّظر يحقق أنّ هذا المعنى إنّما يوازى المقدار المتصل لا غير. فلا يدخل في ماهيّتها اتصال أو تقدّر ، بل إنّما يعرضها ذلك من جهة المسافة ، واتصاله المسافة تصير علّة لوجود تقدّم وتأخّر فيها ، وهي بهما تقتضى وجود عدد لها هو الزّمان. فهى متصلة من جهتين. فعلّة اتصال الزّمان اتّصاله المسافة بتوسّط اتّصال الحركة بها. لست أعنى بذلك أنّه علّة لصيرورة الزّمان متصلا. كيف وهو متصل بذاته لا بعلّة ولا بأمر عارض ، بل [٣١ ب] عليّته لوجود ذات الزّمان المتّصل. كما أنّ سبب الحركة علّة لوجود الحرارة التي هي كيفيّة بذاتها لا