لكون الحركة كيفيّة. فالاتصال المسافيّ يقتضي وجود المتقدّم والمتأخّر في الحركة على الاتصال، وعدد المتقدم والمتأخّر يكون بمقدار الحركة ، والحركة تعدّ الزّمان من المتقدم ، والمتأخّر والزّمان يعدّ الحركة على أنّه نفسه عدد لها. كما أنّ وجود المعروض للعدد علّة لوجود العدد العارض ، ثمّ هو يعدّ المعروض على أنّه عدد له.
واعتبر الأمر في وجود الناس [٣٢ ظ] بالنسبة إلى عددهم ، وهو مثلا عشرة. فلوجودهم وجدت العشريّة ، وهي جعلتهم ذوى عدد. فإذا عدّتهم نفس لم يقع المعدود طبيعة الإنسان ، بل العشريّة الّتي حصّلها افتراق الطبيعة وإن كانت هي صحّحت لها المعروضيّة للعدد. فكما أنّ النّفس بالانسان تعدّ العشريّة ، فكذلك بالحركة تعدّ الزّمان بالمعنى المذكور على الجهة المستقصاة تلخيصا وترصيصا.
[٩] مصباح
كأنّك إذن متحدّس أنّ الزمان ، لكونه بذاته مقدارا ، يكون استعداد [٣٢ ب] الموهوب من القسمة فيه له بذاته ، ولا كذلك الحركة. وأمّا تعيّن الامتداد بالفعل فإنّما يعرض له بسبب الحركة.
فإذن الحركة علّة لوجود الزمان ، كالجسم لوجود المقدار ، والزّمان علّة لكون الحركة غير متناهية المقدار أو متناهيته ، والمحرّك علّة لوجود الحركة ، فهو علّة أولى لوجود الزمان وعلّة أيضا لثبات الحركة المستتبع لازدياد كمّيتها ، أعنى الزّمان ، ولا علّة لكون الزّمان مستعدّا لأن يمتدّ إلى نهاية معيّنة أو لما إلى نهاية أصلا. فإنّ ذلك له لذاته ، كما كان قبول الانقسام له كذلك. [٣٣ ظ].
لكن وجود هذا المعنى ، أعنى الامتداد إلى نهاية أو لا نهاية بالفعل ، إنّما يكون له بسبب المحرّك وبتوسّط الحركة. كما أنّ وجود الانقسام له بالفعل إنّما يكون بقاسم خارج. فالحركة بذاتها توجد الزّمان على نحو يلزمه استعداد قبول الانقسام لذاته ، وبثباتها كونه ممتدّا إلى نهاية أو لا نهاية بالفعل.
ثمّ الزّمان يفيد كون الحركة ذات مقدار متناه أو غير متناه. فكثير من الأشياء يوجد أمرا ، وكذلك الأمر صفة أوّليّة ، ثمّ يكون له تلك الصّفة بالقصد. [٣٣ ب] الثاني. فتولّ الخوض كى تدرك فيه غوره.