هو واحد بعينه ، كان مدّة البقاء ووقت الابتداء واحدا ، ولا يتفوّه به إنسان أو نفس الاقتران والمعيّة. فكلّ مقترنين ومعين [٣٥ ب] إنّما يقترنان في أمر ما هما فيه معا. فما به المعيّة هو الوقت الذي يجمعهما ويجعل كلّ منهما دالا عليه ، بل قد يدلّ عليه بغير هما ممّا يقع فيه ، فقد جعلتم أمارات الأوقات أوقاتا ، فأمكن عندكم تعاكس التوقيت. ولو كنتم تفقهون ما هو الوقت حقيقة ، لحكمتم بامتناع ذلك.
[١٢] تشعيب
من النّاهضة لرابع الآراء من تحيّف بخداج الظنّ فيتخيل للزمان وجودا مفارقا للمادّة على أنّه واجب الوجود بذاته ، مستقلّ بالقيام بنفسه. وإليه ذهبت متقدّمة الفلاسفة من متهوّشتهم. ومنهم من يضع إدراجه في الطبائع [٣٦ ظ] الإمكانيّة. لكن لا على أن يعتريه تعلّق بمادّة ، بل على أنّه جوهر موجود ، منفصل الذّات عن المادّيّات ، مفارق الوجود للجسمانيّات ، مستقلّ بنفسه ، قائم في وجوده بذاته. وهذا الرأى ينسب إلى إمام الحكمة أفلاطون الإلهيّ وشرذمة من أشياعه.
ومشرع الفريقين استيجاب أن لا يقع في بحث ذات الزمان. والمدّة تغيّر أصلا ما لم تعتبر نسبة ذاته إلى المتغيّرات. فالمدّة إن لم يقع فيها شيء من الحركات والتغيّرات لم يكن فيها إلّا الدوام والاستمرار ، وإن وقع حصلت [٣٦ ب] لها قبليّات وبعديّات لا من جهة التغيّر في ذات الزمان والمدّة ، بل إنّما من قبل تلك المتغيّرات.
ثمّ إن اعتبر نسبته إلى الذّوات الدائمة الوجود المتنزّهة عن التغيّر سمّى من تلك الجهة بالسرمد ، وإن اعتبرت نسبته إلى ما فيه الحركات والتغيّرات من حيث حصولها فيه ، فذاك هو الدّهر الدّاهر ؛ وإن اعتبر من جهة نسبته إلى المتغيّرات المقارنة إيّاه فذاك هو المسمّى بالزمان. وصاحب «المباحث المشرقية» يتزحزح عن مندوحة الحقّ بمضايق الشّبه ، ويجتنح ، في شرحه لعيون الحكمة ، إلى التشبّث [٣٧ ظ] بذيل أفلاطون.
[١٣] إيضاح
ليست الحركة تتصف بالسرعة والبطء حقيقة. لا بالزيادة والنقصان والمساواة والمفاوتة إلّا من جهة المسافة أو الزمان ، ولا كذلك الزمان ، بل إنّما يتّصف بالطول و