فصل (٢)
في استيناف القول في أمر الزّمان على طور آخر
[١] تمهيد
أما استبان لك ، من المتلوّ عليك من قبلنا ، والمخزون عندك من تلقاء نفسك في أصل إيصال الجسم وأنّه عديم المفاصل في ذاته بالفعل ، [٥٠ ظ] أنّ الزّمان مقدار ، وهو متّصل محاذ لاتصال الحركات والمسافات. فعند المتهوّشين بإثبات القدم أولى التحصيل منهم هو بجملته من الأزل إلى الأبد موجود متصل واحد شخصىّ ، وكذلك محلّه ، وهو الحركة المستديرة الحافظة له بسرمديّته. وأهل التّهويش من أسلافهم يضعون أزمنة متكثّرة يلتئم السّرمد من تركيبها.
وعلى ما ذقناه من الحكمة ، ويشبه أن يكون فيه طعم التّحقيق ، هو بهويّته الامتداديّة المتناهية ، لا على أن ينتهى إلى أزل زمانىّ ، بل على نحو آخر ، سيستبين سبيله على ما نصف [٥٠] لك ، إن شاء الله الحكيم تعالى ، موجود وحدانىّ شخصىّ متصل من أزله إلى أبده ، حذاء اتصال محلّه من الحركة المستديرة كذلك. فلا محالة يتوهّم بين أجزائه الوهميّة فصول مشتركة حسب ما هو شأن المتّصلات. فتلك هي الّتي تسمّى الآنات ، ولا تتشافع ، وإلّا استلزمت الأجزاء الّتي لا تتجزّى في الجسم.
[٢] إشارة
إنّك لتعلم أنّ أجزاء المتصل الواحد الموجود ، وتسمّى الأجزاء المقداريّة ، ليست معدومة صرفة ، كيف والذهن يحلّله إليها. ولعلّ عقلك ينقبض من تحليل الموجود إلى المعدومات الصرفة ، ثمّ هي ربما تصير موضوعات في صوادق [٥١ ض] الموجبات ، كما إذا كان شيء من أبعاض وآخر منها بارد أو متصل حارّا أحد أقسام متصل محاذيا لأحد أقسام اخر ، فيصدق عليها الإيجاب الخارجىّ ، والربط الإيجابيّ مطلقا في طباعه استيجاب وجود الموضوع. فإذن لها نحو من الوجود إلّا أنّه ليس منفرزا عن وجود الكلّ ، بل هي موجودة بعين وجوده.