[٣] سدّ ثغرة
لا تكن كمن يسبق إلى وهمه أنّ ذلك يستوجب كونها بالحقيقة أجزاء ذهنيّة ، كالجنس والفصل. فتذكّر أنّ تلك ما بحسب الماهيّة وهذه [٥١ ب] ما بحسب الكميّة ؛ ولا كمن يتشبّث بمنع استلزام اختلاف العرض للانقسام الخارجىّ ، وكون محلّ الحرارة والبرودة مثلا في الخارج هو الكلّ الموجود بالفعل ؛ إذ يمكن أن يجتمع الضدّان في محلّ على أن يكون التّمايز بحسب الإشارة دون الوجود ، والإشارة الحسيّة إلى الأجزاء إنّما توجب الوجود بالقوّة لا بالفعل. فتحدّس من نفسك أنّ العقل ، بعد تحليل المتصل إلى قسمين ، يجد أنّ محلّيّته للحرارة مثلا باعتبار أحدهما.
فتوقع الحكم الإيجابيّ بذلك عليه على أنّه صادق [٥٢ ظ] وكون الأجزاء في الخارج بالقوّة لا يدفع كون الانقسام خارجيّا. فحيثيّة اختلاف العرض توجب الانقسام الخارجىّ وإن لم تستلزم كون نفس ذلك بالفعل. فهو من تلك الحيثيّة إنّما يكون بالقوّة ، لكنّه حيث تحقق في الذهن بالفعل يكون مأخوذا بالنسبة إلى ما بحسب الخارج.
ويشبه أن يكون هذا هو مراد من سمّاه ذهنيّا إن صحّ. فلم نر في زبرهم إلّا أنّ اختلاف العرض ، كالبلقة ، هل يحدث في المتصل انفصالا بالفعل في الخارج ، كالقطع والكسر ، فيترتب عليه إثبات [٥٢ ب] الهيولى أولا ، فيحتاج إلى بيان آخر. وكلّ صار إلى مذهب. وأمّا أنّ ما يستتبعه من الانقسام عند لحاظ العقل بعد فعليّته هل يعدّ خارجيّا أو ذهنيّا ، فلا تعرّض له في أقوالهم. وهو مفروغ عنه بتحديد أقسام الانقسام في مظانّه.
[٤] وهم وإحصاف
ولعلّ متحيّن وقت التشكيك يقول : فقد أوجبت بما وضعت صحّة أن تحمل الأجزاء المقداريّة على المتصلات ، فيقال ، مثلا ، الزّارع المتصل نصف ذلك الذراع ، إذ مجرّد الاتحاد في الوجود مصحّح للحمل مواطاة. فيجاب : بأنّ جزئيّة الجزء المعيّن [٥٣ ظ] من تلك للمتصل ، كنصف الذراع له ، إنّما يكون باعتبار حقيقته الشخصيّة ، لا من حيث نفس الماهيّة ، إذ هو من جهة الماهيّة الاتصاليّة ليس على تعيّن شيء من الامتدادات ليصلح لانتزاع جزء بعينه منه. فاتّحاده معه وجودا إنّما هو من حيث الشخصيّة ، لا بالذات من جهة الماهيّة. والمعتبر في الحمل ذاك لا غير.