فيقول : إنّ كثيرا من المفهومات تحمل على الأشخاص من حيث خصوصيّات الهويّات الشخصيّة ، ويدفع بأنّ ذلك إنّما يكون في المحصول حملا عرضيّا. [٥٣ ب] فالاتحاد هناك بالعرض لا بالحقيقة ، فيكفى أن يكون وجود الشّخص باعتبار من الاعتبارات منسوبا إليه. وأمّا الحمل الذاتىّ فلا يتحقق إلّا حيث يكون وجود الشخص لمفهوم بالذّات من حيث الماهيّة ، فيعود بأنّ المعتبر في مطلق الحمل مطلق الاتحاد. فإن استكفى في العرض بانتساب وجود الموضوع من جهة هويّته الشخصيّة إلى مفهوم بالعرض ، لكفى في الذاتىّ أيضا كون ذلك له بالذات من تلك الجهة ، إذ مفاد الهيئة التركيبيّة عندهم في الحمليّات مطلقا مطلق الاتحاد ولا يختلف في الحملين.
[٥] افتحاص وفحص
[٥٤ ظ] كأنّك أصغيت إلى الذي من أهل التحقيق [الدوانىّ في حاشية الاشارات] يقول : إنّ الحمل مطلقا وإن كان هو الاتحاد في الوجود ، لكنّ التعارف الخاصّى خصّه بذلك مع عدم التمايز في الوضع ، كما خصّه ، من بين مطلق الاتحاد ، بالاتحاد في الوجود ، فهو مطلق الاتحاد ، ويقتضي اثنينيّة ما ووحدة ما ، إذ لو كانت الوحدة الصّرفة لم تتحقق ، أو الكثرة الصّرفة لم تصدق.
وكما أنّ الوحدة على جهات شتّى ، كالنوعيّة والجنسيّة ، فكذلك هو ، حتى أنّه لا يجرى في جميع أقسامها ، إلّا أنّ أشهر أفراده هو الحكم بالاتحاد في الوجود ، إذ لا يقال في المتعارف «زيد عمرو» من حيث [٥٤ ب]. اشتراكهما في النوع أو «الثّلج الجصّ» من جهة الاشتراك في عرض هو البياض. فلذلك قيل : الحمل هو الاتحاد في الوجود.
أفرضيت منه بتخصيص لا يناسب طور الحكمة ، وهو الذي قد كان يضع أنّ الحقائق لا تقتنص من الإطلافات العرفيّة.
ثمّ لو كان النظر في إطلاق لفظ الحمل لوسع هذا الطور ، لكن ليس هو ، بل إنّه يلزم كون المتصل الواحد عين جزئه المقداريّ بحسب الأعيان ، إذ المصحّح لتلك العينيّة هو الاتحاد في الوجود. وتخصيص الحمل بالاتحاد في الوجود ليس بحسب اللفظ أو التّعارف ، بل على سبيل أنّ سائر الأنواع [٥٥ ظ] لا تفيد العينيّة المصحّحة للحمل